الملتقى العربي الألماني الأول للطاقة 2010

أوضح الأمين العام للغرفة الأستاذ عبد العزيز المخلافي بأن الملتقى العربي الألماني الأول للطاقة قد أظهر بجلاء  الفرص الكبيرة للتعاون بين الدول العربية وألمانيا في مجال الطاقة منوهاً إلى أهمية إقامة شراكات إستراتيجية تخدم هذه العلاقات.

وكان الملتقى العربي الألماني الأول للطاقة الذي نظمته الغرفة بالتعاون مع إتحاد الصناعات الألمانية (‏BDI‏ ) والأمانة العامة لجامعة الدول العربية والمفوضية الأوروبية والمؤسسة الألمانية للتعاون الفني (‏GTZ‏)‏‎ ‎والإتحاد العام لغرف التجارة ‏والصناعة والزراعة للبلاد العربية، قد ‏أتاح الفرصة لأكثر من 300 مشارك من أصحاب القرار السياسي ‏ومن ممثلي الاقتصاد وخاصة من قطاع الطاقة من الدول العربية وألمانيا لتبادل المعلومات والخبرات والتباحث حول ‏إمكانات توسيع آفاق التعاون العربي الألماني في مجالات استغلال مصادر طاقات ‏المستقبل وتحديد مزيج ملائم منها وفي تطوير واستخدام التقنيات الحديثة في هذا المجال.

هذا ما أكدته الشخصيات العربية والألمانية التي تحدثت في الملتقى وفي مقدمتهم معالي السيد عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية والذي أشار إلى إهتمام الدول العربية في التعاون مع الشركات الألمانية والأوروبية، كما أبرز معاليه الأهمية المتزايدة للطاقات المتجددة في المستقبل وإمكانيات إستغلال الطاقة الشمسية في الصحارى العربية الشاسعة بالإعتماد على التقنيات الألمانية المتطورة، ونوه إلى أن الطاقة المولدة من الذرَّة ستكون من ضمن  خيارات مزيج مصادر الطاقة في الدول العربية.

وأشار سعادة الدكتور توماس باخ رئيس الغرفة إلى الإمكانات الواسعة المتوفرة في الدول العربية لإستغلال الطاقات المتجددة بما فيها الوفرة في أشعة الشمس والرياح، ضارباً مثلاً عدد ساعات سطوع الشمس السنوية في دول مجلس التعاون الخليجي والبالغة 3000 ساعة مقابل 600 ساعة في ألمانيا وشدّة سطوعها والتي تبلغ هناك ضعف شدتها في ألمانيا. وأضاف الدكتور باخ قائلاً بأن قطاع الطاقات المتجددة يتيح فرص أعمال واسعة، وبأنه يتعين على الشركات من الجانبين التعاون بشكل وثيق لإقامة مشاريع مشتركة وشراكات استراتيجية  والاستفادة بشكل فعَّال من الإمكانات المتوفرة للجانبين.
وأكد سعادة الأستاذ الدكتور هانس- بيتر كايتلProf. Dr. Hans-Peter Keitel  رئيس اتحاد الصناعة الألمانية بإن فرص أعمال كبيرة تنتظر الشركات الألمانية في قطاع الطاقة، ذلك أن سد حاجات البلدان العربية المتزايدة من الطاقة خلال السنوات العشر القادمة، يتطلب إستثمارات تصل إلى 200 مليار دولارأميركي لبناء وتوسيع منشاءات وتوابع محطات توليد الكهرباء المختلفة. وأوضح أن سياسات الطاقة في الدول العربية بدأت التركيز على كفاءة الموارد والإهتمام بتطوير رؤى و خطط ذكية لاستخدام الطاقة المتجددة ومزيج واسع من التنوع لمصادرها.

أما معالي الأستاذ الدكتور أسامة بن عبد المجيد شبكشي سفير المملكة العربية السعودية وعميد السلك الدبلوماسي ‏العربي في ألمانيا، فقد أوضح بإن الضرورة تقتضي زيادة الإستثمار في مجال الطاقات المتجددة في الدول العربية لسد الطلب المتزايد على الطاقة، الأمر الذي يفتح فرص أعمال جيدة امام الشركات الألمانية بما لديها من علوم وتقنية مميزة. ودعى معاليه هذه الشركات إلى عدم الانتظار طويلا “وإلا لفعل الآخرون ذلك”، كما أشار معاليه إلى دور المملكة في إستقرار أسعار الطاقة عبر سياسة متوازنة لتأمين إمدادات النفط في الأسواق العالمية.

وقدم سعادة السيد بيتر هينتسه Peter Hintze وكيل وزارة الاقتصاد والتكنولوجيا الألمانية لمحة عامة عن رؤية مشروع الطاقة الذي أقرته الحكومة الألمانية مؤخرا والذي يقضي بتخفيض كميات انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة لاتقل عن 80 بالمئة لغاية عام 2050 بالمقارنة مع كمياتها المسجلة في العام 1990كما يهدف المشروع إلى رفع حصة الطاقات المتجددة في إجمالي الطاقة المستهلكة إلى 60 بالمئة خلال نفس الفترة، ورأى سعادته بأن هناك إمكانات جيدة للتعاون بين ألمانيا والدول العربية في مجال الطاقة، ودعى قائلاً: “دعونا نصبح شركاء الطاقة”

هذا وعُقدت على مدى يومي الملتقى، عشرة جلسات تناولت مواضيع توليد التيار الكهربائي من مصادر الطاقات المتجددة والمصادر التقليدية، إضافة إلى طرق نقل وتوزيع التيار الكهربائي الفعالة، كما تم نقاش قضايا كفاءة استخدامات الطاقة في قطاع البناء وتم إلقاء ‏الضوء على المعطيات السياسية والاقتصادية والقانونية وعلى المهام المرتبطة بتقنيات الطاقة والعمل على ‏تحديد المشاريع التي تفتح فرصا للتعاون والشراكة بين الشركات العربية والألمانية، كما ‏تم التطرق إلى الإمكانيات المتاحة لعمليات تمويل المشاريع التي يشملها هذا ‏القطاع.

حيث تناولت الجلستان الأولى والرابعة أهم مشاريع الطاقة الشمسية في الدول العربية حيث أكدت السيدة جميلة مطر مديرة  ادارة الطاقة بجامعة الدول العربية، أهمية وضع استراتيجية عربية للطاقات المتجددة إذ يجري العمل في هذا المجال حاليا على المستوى الوطني وفي إطار مجلس وزراء الكهرباء العرب، كما يتم العمل على إنشاء لجنة دائمة للطاقات المتجددة وكفاءة إستخدام الطاقة. وأكد بول فان سونPaul van Son  الرئيس التنفيذي لمؤسسة المبادرة الصناعية ديزرتك (DII)، بأن المؤسسه تهدف في عملها إلى توضيح فرص الشراكة منوهاً إلى أن توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية في صحراء دول المغرب لن يكتب له النجاح مالم يتم دعمه والتكفل به من قبل الدول المعنية، مشيراً إلى أنه سوف يتم إقامة مشروع طليعي في المملكة المغربية لتقديم الدليل على جدوى هذه الشراكة، وتناول الدكتور خالد الهاجري المدير التنفيذي لشركة تكنولوجيا الطاقة المتجددة في قطر الشراكة الإستراتيجية بين دولة قطر وبعض شركات الطاقة الشمسية في المانيا.

كما قَُدمت عروض حول مشاريع لتوليد الطاقة من المصادر الشمسية في المغرب وأبو ظبي وتونس. إذ تخطط المملكة المغربية على سبيل المثال في المدى المتوسط لإنشاء محطات توليد كهرباء من الطاقة الشمسية بطاقة توليدية تبلغ 2000 ميجاواط.
.
كما تم التطرق إلى توليد الطاقة من الرياح في الجلستين الثانية والخامسة وأُشير إلى الظروف الطبيعية المثالية لاستخدام طاقة الرياح في العديد من بلدان المنطقة، وقدم السيد نوربرت دفينجر Norbert Dwenger من شركة نورديكس Nordex SE، نتائج دراسة تبين بأن أكبر إمكانات لإستغلال طاقة الرياح موجودة في كل من مصر وليبيا والجزائر والمغرب وسوريا.

وشرح الأستاذ محمود عطية مصطفى، نائب رئيس هيئة الطاقة المتجددة في مصر، بأن حصة الطاقة الكهربائية المولدة عن طريق عنفات الرياح ستبلغ 12 بالمئة من إجمالي الطاقة الكهربائية في مصر  في العام 2020، إذ ستصل القدرة المركبة في مزارع الرياح المتصلة بالشبكة إلى 7200 ميغاواط. كما قدم السيد محمود خشمان من شركة مرافق السورية التابعة لمجموعة الشام القابضة لمحة عن الوضع في بلدان المشرق الأردن ولبنان وفلسطين وسوريا. مشيراً إلى مشاريع واعدة في مجال توليد الطاقة الكهربائية من الرياح، ستبلغ قدرتها الإجمالية حوالي 1000 ميجاوات في عام 2015، وتتيح هذه المشاريع فرص عمل جيدة لشركات التوريد والتمويل والإستثمار الألمانية.

وركزت الجلسة الثالثة على قطاع توليد الكهرباء في محطات توليد الطاقة التقليدية المعتمدة على الغاز الطبيعي والنفط، حيث أشار السيد ميشائل فوينمان  Micheal Wünnemann من شركة لاماير إنترناشيونال International  Lahmeyer، الى أن الطلب على الكهرباء في الدول العربية سيزداد خلال السنوات العشر المقبلة بنسبة 80 بالمئة. وتحدث في الجلسة سعادة الدكتور صالح العواجي الرئيس التنفيذي لشركة الكهرباء السعودية، مشيراً إلى زيادة سنوية قدرها 10بالمئة في الطلب على الكهرباء في بلاده، منوهاً إلى أن المملكة سوف تسهل عمل المستثمرين من القطاع الخاص في مشاريع الطاقة. ومن المتوقع أن تغطي هذه الإستثمارات 30 إلى 40 بالمئة من الإحتياجات الإضافية  التي ستنشأ في السنوات العشر القادمة. وتعول الكويت بدورها أيضا على القطاع الخاص في تطوير الامدادات بالطاقة وذكرت السيدة سهيلة معرفي مديرة قسم الدراسات والبحوث في وزارة الكهرباء والماء بأن القدرة المركبة للكهرباء ستتضاعف في الكويت بحلول عام 2020 لتصل إلى 21200 ميغاواط.

وتناولت المداخلات في الجلسة السادسة المواضيع المتعلقة بتمويل المشاريع والصادرات في قطاع الطاقة التقليدية وتحدث ممثلوا البنك الأوروبي للاستثمار (EIB)، ومؤسسة  أويلر هيرميس لضمانات الائتمانKreditversicherungs-AG   Euler Hermes والبنك الإسلامي للتنمية  عن أنشطة مؤسساتهم في هذا المجال. وذكر نائب رئيس بنك الاستثمار الأوروبي الدكتورMatthias Kollatz-Ahnen  بأن البنك قد مول منذ عام 2002 مشاريعاً عده في الجزائر ومصر وفلسطين والأردن ولبنان والمغرب وسوريا وتونس. حيث خُصصت نحو 38 بالمئة من هذا التمويل لتوليد الطاقة.

ودارت مداخلات الجلسة السابعة حول تمويل المشاريع في مجال الطاقات المتجددة، حيث أشارت السيدة Silvia Kreibiehl من Deutsche Bank إلى أن التطويرالمدروس للمشاريع والأطر القانونية الموثوقة تعتبر شروط هامة لفتح أرصدة التمويل. ووافقها الرأي الرئيس التنفيذي مدير إدارة الوكالة الألمانية للإستثمار والتنمية (DEG) السيد برونو فن معرباً عن رأيه بأن التمويل بحد ذاته ليس المشكلة. وطالب الحكومات بأن تلعب دورا فعَّالاً في هذه المجال والعمل على ضمان شراء التيار الكهربائي المُنتج بأسعار تغطي التكاليف.

وفي الجلسة الثامنة تم إستعراض و مناقشة الإستراتيجيات الوطنية والإقليمية لربط ونقل وتوزيع التيار الكهربائي والتقنيات اللازمة لذلك. وتمت الإشارة إلى ضرورة توسيع الشبكة على نطاق كبير داخل وبين الدول العربية. وحسب رأي السيد فوزي خربط الأمين العام للاتحاد العربي للكهرباء، فإنه لا يوجد حاليا ربط كهربائي بين المشرق والمغرب ودول الخليج وأن الربط مع أوروبا يجري ببطء، كما أنه لاتوجد في الدول العربية إلى الآن أُطر وقواعد للتجارة  في الكهرباء عبر الحدود. وأعرب خربط عن أمله في الحصول على دعم من الاتحاد الأوروبي في كافة المجالات.

في الجلسة التاسعة، قدمت لمحة عامة عن إحدث التطورات التكنولوجية والتحديات التي يقف أمامها المسؤلون في مجال مراعاة كفاءة استخدام وتوفير الطاقة في قطاع البناء. واتفق الخبراء المشاركين على وجود إمكانيات جمة لاتخاذ تدابير تؤدي إلى رفع كفاءة استخدام الطاقة في البلدان العربية. وأشارت السيدة ﺻـﺎﻟـﺤـﺔ أﺑـــﻮ ﺳﺒﻌﺔ ، رئيسة قسم الطاقة المتجددة في جامعة الدول العربية ، إلى أن الدول العربية  قد حققت تقدما كبيرا في صياغة خطوط توجيهية مشتركة  في مجال كفاءة استخدام الطاقة.
و في الجلسة الختامية أعرب السفير Viktor Elbling  رئيس الدائرة الإقتصادية بوزارة الخارجية عن أهمية التعاون بين البلدان العربية ودول الإتحاد الأوروبي  في مجال الطاقة منوهاً إلى الحلول والمبادرات في إطار مشروع ديزرتك الذي يحمل في طياته فرص لإقامة أشكال جديدة من التعاون الإقليمي.

من جانبه أشار سعادة الأستاذ رمزي عز الدين رمزي سفير جمهورية مصر العربية إلى أهمية التفكير بمشاريع مبتكرة تساعد على تعزيز التعاون الألماني  العربي والعربي الأوروبي وسيشكل التعاون في مجال الطاقة أحد أهم مجالات التعاون المستقبلية بين الجانبين.

أظهرت محاور الملتقى تزايد اهتمام الدول العربية في إدخال واستخدام تقنيات حديثة وعالية الكفاءة لتوليد الطاقة ‏بهدف حماية احتياطات مصادر الطاقة التقليدية وتمديد فترات استغلالها وتقليل ‏التبعية من مواردها وبينت أن هناك إمكانات واسعة وسعي مشترك لتدعيم وتقوية علاقات التعاون والشراكة الإستراتيجية الاقتصادية والتقنية ‏بين الدول العربية وألمانيا.

برنامج الملتقى