يمر الشرق الأوسط بتحول كبير حيث يحتضن قوة التصنيع لدفع النمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية. مع تاريخ غني ومجموعة متنوعة من الموارد، تستعد المنطقة لتصبح مركزًا عالميًا للابتكار الصناعي. من خلال تسخير القدرات والتقنيات الجديدة مثل الذكاء الاصطناعي، والتوائم الرقمية، والمفهوم الناشئ للميتافيرس الصناعي، تهدف الشركات العالمية العاملة في المنطقة جنبًا إلى جنب مع شركائها المحليين إلى إحداث ثورة في التصنيع، وإطلاق العنان لمستويات غير مسبوقة من الكفاءة والاستدامة والتنافسية. سأناقش هنا بعضًا من أكثر تقنيات المستقبل الواعدة مثل الذكاء الاصطناعي والتوائم الرقمية ومفهوم الميتافيرس الصناعي.

الذكاء الاصطناعي

يتمتع الذكاء الاصطناعي بالقدرة على إحداث ثورة في قطاعات عديدة مثل الصناعة والرعاية الصحية والنقل والإعلام والتمويل من خلال تمكين أتمتة المهام الروتينية وتحسين عملية صنع القرار وتحسين تجربة العملاء. من المتوقع أن يساهم الذكاء الاصطناعي في زيادة النمو الاقتصادي وتعزيز القدرة التنافسية في الشرق الأوسط. وعندما يتعلق الأمر بالبنية التحتية، فإن الاستخدام المتزايد لأجهزة الاستشعار وأجهزة إنترنت الأشياء يولّد بيانات قيّمة تتطلب الذكاء الاصطناعي لفهم البيانات، وبالتالي مساعدة الناس على اتخاذ القرارات التي تجعل المناطق الحضرية أكثر فعالية وأمناً وراحة واستدامة.

في مدينة إكسبو دبي، عملت سيمنس مع الجهة المُشغلة للمنطقة على إنشاء منصة إنترنت الأشياء لتعمل بمثابة الجهاز العصبي المركزي للمدينة وتربط بين العالمين المادي والرقمي. وينشئ النظام أكثر من 200,000 نقطة بيانات، مما يمنح المُشغل القدرة على المراقبة والتحكم في الأنظمة مثل التدفئة، والتهوئة، وتكييف الهواء، والإضاءة، والسلامة والكهرباء، وأجهزة الاستشعار الذكية، ومحطة التبريد، ومصادر الطاقة غير المنقطعة وأنظمة اخرى.

التوائم الرقمية

لقد حققت تقنية التوأمة الرقمية طفرة كبيرة في السنوات الأخيرة، حيث استفادت منها عدد كبير من الشركات في العديد من القطاعات. وذلك من خلال ثلاث طرق رئيسية يتم من خلالهم الاستفادة من إمكانيات هذه التكنولوجيا في الصناعة والتي تتضمن تصميم منتجات جديدة عن طريق خلق منتج جديد في العالم الافتراضي لمعرفة كيفية أدائه في ظل ظروف مختلفة قبل إنشاء نموذج أولي في العالم الحقيقي. كما تستخدم أيضاً في تخطيط الإنتاج، وذلك من خلال مراقبة عملية الإنتاج في ورشة العمل قبل البدء في الإنتاج. هذا بالإضافة إلى تحسين الأدء في المصانع والمنتجات الذكية التي تنتج البيانات، كما يمكن لتكنولوجيا التوائم الرقمية تحليل هذه البيانات لتحسين الأداء التشغيلي.

الميتافيرس الصناعي

لأكثر من عقد حتى الآن، تساهم تكنولوجيا التوائم الرقمية في زيادة إنتاجية عملائنا في جميع الصناعات. ولا يبدو توائمنا الرقمية القائمة على الحقائق الفيزيائية وكأنها الشيء الحقيقي فحسب بل تتصرف أيضًا مثل الشيء الحقيقي. إنها تمثل الوظائف والسلوكيات الدقيقة الموجودة فعليا في العالم الحقيقي. على سبيل المثال يخبرنا التوأم كيف يتصرف المنتج إذا قمنا بهزّه أو زيادة سخونته أو إذا قمنا بتشغيل برنامجنا عليه. إنها ليست رسوم متحركة، بل إنها محاكاة حقيقية للعالم الحقيقي.

ومن خلال دمج بعض من هذه التقنيات ساهمت سيمنس بتعاونها مع الإمارات كروب في بناء مزرعة بستانكَ في دبي، أكبر مزرعة مائية رأسية في العالم. وهذا المشروع يوفر للمستهلكين الخضروات والمنتجات الطازجة، مع تقليل استهلاك المياه المستخدمة في الزراعة وخفض تكاليف النقل لمستويات غير مسبوقة. وتعتمد بستانكَ على حلول تقنية تعمل على زيادة حجم عملياتها التشغيلية بشكل مستدام لتصبح نموذجًا يحتذى به حول العالم. ستتيح حلول البنية التحتية التي المستخدمة اليوم في المزرعة الفرصة لدمج تطبيقات وحلول تعلم الآلات والذكاء الاصطناعي في المستقبل.

صافي الانبعاثات الصفرية

وختاما، إن هذه تكنولوجيات تساهم بشكل كبير في دفع عجلة الاستدامة. يمكن للعملاء توفير ما يصل إلى 40٪ من الطاقة وما يصل إلى 50٪ من المواد وبالتالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. فنحن لا نحدث ثورة في التصنيع فحسب، بل نجعل الصناعة أكثر استدامة. وفي الوقت الذي يشرع فيه العالم العربي في رحلته التصنيعية، تقف شركة سيمنس كشريك تقدم حلولاً متطورة تسخر قوة الذكاء الاصطناعي والتوائم الرقمية والميتافيرس الصناعي. ومن خلال تبني هذه التقنيات، يمكن للمنطقة إطلاق مستويات غير مسبوقة من الإنتاجية والكفاءة والاستدامة ودفعها إلى طليعة التصنيع العالمي.

الكاتب:
هيلموت فون ستروف، الرئيس التنفيذي لشركة سيمنس في دولة الإمارات العربية المتحدة ومنطقة الشرق الأوسط
سيمنس، مدينة مصدر فى أبو ظبى
سيمنس هي شركة تكنولوجيا تركز على الصناعة والبنية التحتية والنقل والرعاية الصحية. تبتكر الشركة تقنية تضيف قيمة حقيقية للعملاء تمكنهم من تشغيل مصانع أكثر كفاءة في استخدام الموارد، وسلاسل التوريد المرنة، والمباني والشبكات الأكثر ذكاءً، ووسائل النقل الأنظف والأكثر راحة بالإضافة إلى الرعاية الصحية المتقدمة.