يعمل الاتحاد الأوروبي على مواجهة مبادرة طريق الحرير الصينية، والتي تهدف الى مد النفوذ الاقتصادي العالمي للصين، حيث تمتلك بكين ضمن هذه المبادرة طرقًا سريعة وموانئ وخطوطًا للسكك الحديدية مبنية في جميع أنحاء العالم، كما تقوم بتطوير هذه المبادرة حتى الوصول الى أوروبا عبر شراء مواني وشركات نقل ودعم لوجستي تعمل في الدول الأوروبية. وفي هذا الإطار أطلقت المفوضية الأوروبية منذ عام مبادرة اقتصادية عالمية تحت عنوان “البوابة العالمية”. تهدف الى توحيد جهود المفوضية والدول الأعضاء والقطاع الخاص لتشكيل “فريق أوروبا”، وتوفير 300 مليار يورو لتمويل مشاريع بنية تحتية كبرى في عدد من مناطق ودول العالم وخصوصا في افريقيا.

    تعتبر ألمانيا من أكثر الدول الأوروبية دعماً لمبادرة “البوابة العالمية”، حيث أكدت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بربوك “انه في إطار منافسة الصين، لا يكفي وجود حجج جيدة لنموذجنا الديمقراطي الليبرالي”. “علينا أيضًا أن نظهر للدول الأخرى أنه بإمكاننا، بصفتنا الاتحاد الأوروبي، تقديم عروض أفضل، وعلى قدم المساواة ودون عقود ملزمة.” كما شددت الوزيرة الألمانية على ان أهمية المبادرة الأوروبية متعلقة بالمستقبل “خاصة عندما يتعلق الأمر بالقضايا المستقبلية الرئيسية مثل حماية المناخ، والتحول في الطاقة والرقمنة”. معتبرة ان “الأفكار والمفاهيم موجودة، لكن الامر يرتبط أكثر بالتنفيذ السريع لمشاريع استراتيجية رائدة”.

    وقد أرسلت الحكومة الألمانية الى مفوضية الاتحاد الأوروبي، وبصورة غير علنية، قائمة بالمشاريع الاستراتيجية المقترح تنفيذها في إطار مبادرة “البوابة العالمية”، والتي بلغ مجموعها 20 مشروعاً نموذجياً مبتكرا ورائداً، والتي “يجب أن تكون كبيرة بالدرجة التي يتم ملاحظتها وتقوم بأحداث فرق على ارض الواقع.  على عكس التعاون الإنمائي الصغير السائد في الوقت الحاضر”. ومن ضمن هذه المشاريع دعم بوتسوانا وناميبيا في بناء محطات طاقة شمسية كبيرة، الى جانب ربط دولة بوركينا فاسو، التي لا تمتلك منفذا على البحر، بمواني غانا بواسطة خطوط السكك الحديدية، من اجل المساهمة في “الاستقرار والتكامل الاقتصادي لغرب إفريقيا”.

   ويعد انشاء مزرعة لتوربينات الرياح لتوليد الطاقة الكهربائية بالقرب من العاصمة الغانية أكرا، أحد أبرز المشاريع الاستراتيجية لمبادرة “البوابة العالمية”، ليس فقط في مجال دعم التحول في الطاقة وحماية المناخ والبيئة ولكن أيضا لوجود منافسة من الصين لتنفيذ المشروع، ونتيجة ايضاً الى ان الغانيين يفضلون الشركاء الأوروبيين على الصينيين.

    كما يدخل ضمن قائمة هذه المشاريع دعم استخراج الليثيوم في صربيا من أجل تعزيز إنتاج البطاريات الأوروبية وتقليل الاعتماد على الصين في الحصول على المواد الخام.  وفي نفس الإطار تقترح ألمانيا ان تكون منطقة البلقان احدى المناطق التي تركز عليها مبادرة “البوابة العالمية”، عبر بناء مزرعة رياح في جمهورية البوسنة والهرسك من اجل تعزيز “فرص الانتقال إلى إنتاج الطاقة النظيفة”، خصوصا ان الصين تخطط لبناء محطات كهربائية تعتمد على الوقود الاحفوري “مما يؤدي إلى التبعية ويشكل خطراً على حقوق العمال والبيئة”.

     كما دعت الرسالة الألمانية الى المفوضية الأوروبية الى تعزيز تأثير الاتحاد الأوروبي في آسيا، والتي يدخل من ضمنها أن تعمل أوروبا على تحسين روابط النقل بين لاوس وفيتنام وتايلاند، حيث “يمكن أن يكون المشروع بديلاً أوروبيًا مناسبًا لمبادرة الحزام والطريق (BRI) “، الاسم الرسمي لمشروع طريق الحرير الصيني.

    بالإضافة إلى مشاريع البنية التحتية الكلاسيكية ومشاريع الطاقة الخضراء، تريد الحكومة الألمانية أيضًا الاستثمار في الرقمنة. حيث يمكن أن تحصل المبادرة الأوروبية على حصة في مشروع مد كابل تحت البحر يربط بين شيلي وأستراليا، والذي من المتوقع أن يبدأ تشغيله في عام 2025م، وسيؤدي الى نمو هائل في حجم البيانات المتبادلة عالمياً.

    وتأتي الرسالة الألمانية بخصوص مبادرة “البوابة العالمية” للاتحاد الاوروبي في مجال النقد لطريقة تعامل بعض دول الاتحاد مع المبادرة، خصوصا انه تم ادراج مشاريع التنمية التي كان الاتحاد الأوروبي قد خطط للقيام بها سابقاً، تحت شعار المبادرة وهو ما حذرت الرسالة الألمانية منه معتبرة انه “من الأهمية بمكان لمصداقية الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه ألا نعيد تسمية مشاريع التعاون الإنمائي القائمة أو المخطط لها بالفعل”. وبدلاً من ذلك، يتعين على الاتحاد الأوروبي “تحديد المشاريع الرئيسية الجديدة وتعبئة أموال القطاع الخاص لتنفيذها في أسرع وقت ممكن”.

    واعتبرت الحكومة الألمانية أن “مبادرة البوابة العالمية هي أداة لها أهمية كبيرة في تعزيز التأثير الاستراتيجي والعالمي للاتحاد الأوروبي، خاصة في ضوء التنافسية الكبيرة السائدة في العالم في الوقت الحالي “.