انعقد الملتقى الاقتصادي العربي الألماني العشرون في برلين خلال الفترة ما بين 15-17 مايو 2017م بحضور أكثر من 600 من صناع القرار السياسي والاقتصادي ورجال الاعمال والمختصين من الجانبين العربي والألماني. والقى الأستاذ عبد العزيز المخلافي امين عام الغرفة كلمة افتتاح الملتقى رحب فيها بالمشاركين وبضيوف الملتقى، مشيرا الى الجهود التي تبذلها غرفة التجارة العربية الألمانية في دعم العلاقات الاقتصادية العربية والألمانية وسعيها الدائم الى إقامة علاقات شراكة اقتصادية مستدامة بين الجانبين وضرورة إقامة علاقات تعاون في مسارات متبادلة، منوهاً بالاهتمام الذي تُظهره الحكومات العربية والحكومة الألمانية لتطوير وتعزيز العلاقات الاقتصادية بينهما.

أكد الدكتور فولكر تراير نائب الرئيس التنفيذي، لاتحاد غرف التجارة والصناعة الألمانية ان الملتقى الاقتصادي العربي الألماني ، أصبح أحد اهم المواعيد على جدول اللقاءات العربية الألمانية العربية بفضل التطور الدائم والاستمرارية الذي حققهما، مؤكدا ان المنطقة العربية تمثل واحدة من اهم الأسواق التي تنشط فيها الشركات الألمانية بقيمة تبادل تجاري وصل إلى 50 مليار يورو في العام 2016م مما جعل من ألمانيا اهم شريك اقتصادي أوروبي للعالم العربي، كما أن أنشطة الشركات الألمانية أنشأت في العالم العربي نحو 250 الف فرصة عمل.

أكد الدكتور بيتر رامزاور  رئيس الغرفة على التطورات الكبيرة التي شهدتها العلاقات الاقتصادية العربي الألمانية، وأثمرت في تضاعف التبادل التجاري بين الجانبين خلال العشر سنوات الأخيرة، وأن العالم العربي بسكانه الذين يتجاوزون 360 مليون نسمة يمثل سوقاً وموقعاً واعداً لقطاع الاعمال والاستثمار، منوها بأهمية التعليم والتدريب المهني كأساس لأي نمو اقتصادي، وبالنموذج الألماني المزدوج للتعليم والتدريب المهني المثالي والقابل للتطبيق في أي دولة.

تحدث السفير الدكتور مصطفى اديب سفير الجمهورية اللبنانية وعميد السلك الدبلوماسي العربي، عن أهمية العلاقات العربية الألمانية، متناولا التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية التي شهدتها وتشهدها بعض الدول العربية، إضافة الى انخفاض أسعار النفط العالمية التي أدت الى اتباع الدول العربية لسياسات ترشيد الانفاق وإعادة ترتيب الأولويات الاقتصادية، ورغم هذه الأوضاع فقد تبنّت العديد من الدول العربية مشاريع وبرامج تنموية واقتصادية طموحة تقدم فرصا كبيرة لتطوير التعاون الاقتصادي العربي الألماني.

شدد الأستاذ نائل الكباريتي رئيس اتحاد الغرف العربية، على ضرورة مواكبة التقدم التكنولوجي وما يسمى بالثورة الصناعية الرابعة الامر الذي يستلزم استخدام قدرات علمية مؤهله وامتلاك بنية تقنية ورقمية متطورة، مضيفا بانه ذلك يُبرز دور ألمانيا كشريك اقتصادي واستثماري للعالم العربي في تقديم المعونة الفنية والتقنية والخبرة المتقدمة والثقافة الرقمية لتأهيل البنية التحتية الذكية وتأهيل الموارد البشرية في الدول العربية لاستيعاب التطورات الحديثة.

أشاد السيد ميجويل بيرجر المدير العام للشؤون الاقتصادية والتنمية المستدامة في وزارة الخارجية الألمانية، بجهود غرفة التجارة والصناعة العربية الألمانية ونجاحها في الاستمرارية بتنظيم الملتقى الاقتصادي العربي الألماني للعام العشرين على التوالي، مُشيراً إلى أهمية العلاقات الاقتصادية بين العالم العربي وألمانيا، والدعم الذي تتلقاه من الحكومة الألمانية، منوها الى قيام المستشارة انجيلا ميركل بزيارة إلى أربع دول عربية منذ بداية هذا العام، وبأن ألمانيا مستعدة للمشاركة في الاستثمار في جميع القطاعات الاقتصادية في العالم العربي.

أشاد معالي الاستاذ يحيى الجابري رئيس مجلس إدارة هيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم رئيس وفد سلطنة عُمان شريك الملتقى لهذا العام، بالعلاقات التاريخية بين السلطنة وألمانيا، وإستمرارية نمو هذه العلاقات وتنوع  جوانبها  خصوصا في جانب التعاون في قطاع التعليم والتأهيل الذي يشهد تعاونا مكثفا بين مختلف المؤسسات التعليمية في البلدين، وتناول التطورات الاقتصادية المختلفة التي شهدتها عُمان في مختلف القطاعات الاقتصادية والتي استطاعت على سبيل المثال تبوء المركز 48 على مستوى العالم في مؤشر الأداء اللوجستي، إضافة الى عوامل الاستقرار  التي جعلت السلطنة من الدول ذات المناخ المشجع والجاذب للاستثمار في المنطقة.

كما القى رئيس الوزراء في الجمهورية اليمنية الدكتور احمد عبيد بن دغر، ضيف شرف الملتقى، كلمة تناول فيها الأوضاع السياسية والاقتصادية والإنسانية القائمة في اليمن، والأسباب المختلفة التي أدت الي حدوثها شارحا الجهود التي بذلتها الحكومة للوصول الى  توافق وطني على ضوء مُبادرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية ومُخرجات الحوار الوطني وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، مشدداً على أن جميع الأطراف السياسية اليمنية شاركت في كل خطوات التسوية هذه، مُحملاً حركة الحوثيين والرئيس السابق مسؤولية الانقلاب على الاجماع الوطني والتسبب في الأوضاع المأساوية التي يعيشها الشعب اليمني حاليا، وأكد على تحمّل الحكومة اليمنية لمسؤوليتها في استعادة الدولة حتى يعود الاستقرار وتصبح اليمن عامل استقرار لها ولجيرانها وللعالم،  واكد أيضا بدأ الحكومة  في إعادة الاعمار بمواردها الذاتية وبمساعدة دول الخليج العربية وأصدقاء اليمن في العالم، وأشار الى استعادة البنك المركزي نشاطه من عدن العاصمة المؤقتة لليمن والبدء أيضا في استعادة النشاط الاقتصادي والعمل على إعادة الاستقرار الى المناطق الخاضعة للشرعية وهي تشكل أكثر من 80 % من مساحة الجمهورية اليمنية. وأعاد رئيس الوزراء اليمني التأكيد على مواصلة الحكومة جهودها في استعادة الدولة كاملة واستعادة الشراكة مع القطاع الخاص المحلي والعربي والاجنبي الذي تعول علية في استعادة الاقتصاد اليمني لعافيته. مشيرا الى ان اليمن بلد كبير واليمنيون يطمحون الى التعليم والعمل وبناء الاقتصاد الوطني ويعولون في ذلك على دعم الاشقاء والاصدقاء من اجل ان يعود اليمنيون الى ممارسة حياتهم الطبيعية كغيرهم من شعوب المنطقة، ووجه الدعوة للمشاركين في الملتقى للتعرف على اليمن وامكاناته الاقتصادية ومشاريع إعادة الاعمار التي تعوّل الحكومة ان يكون للاقتصاد العربي والألماني دوراً رئيسياً في تنفيذها.

وفي الجلسة العامة التي تلت افتتاح الملتقى، تحدثت السيدة برجيتا تسبريس وزيرة الاقتصاد والطاقة الألمانية، وأشادت بالتزام غرفة التجارة والصناعة العربية الألمانية بعقد الملتقى الاقتصادي العربي الألماني المستمر منذ عشرين عاما بدون انقطاع، مؤكدة على رغبة  الحكومة بدعم التنمية والعلاقات الاقتصادية مع العالم العربي مشيدة كذلك بتناول موضوع المرأة ضمن جلسات الملتقى، وأضافت أن العلاقات الاقتصادية لا تقتصر على التبادل التجاري ولكنها تشمل أيضا الاستمرارية والتفاهم بين الثقافات وكذلك التعرف على الطرق المختلفة للعمل الاقتصادي وأنه رغم الازمات التي تعيشها المنطقة العربية ما زالت تُمثّل أولوية للتعاون الاقتصادي، وان هنالك العديد من الأسباب التي تدفع المانيا لبناء علاقات مُتطوّرة مع الدول العربية.

أكدت السفيرة ليوثا بنت سلطان المغيرية سفيرة سلطنة عُمان لدى ألمانيا، على أهمية التعاون بين الجانبين، مشيرة الى التعاون المُميز بين عُمان وألمانيا في مجال التعليم والتأهيل وإلى الجامعة التقنية الألمانية في مسقط كمثال بارز على هذا التعاون  المثمر، وتحدثت عن عوامل الاستقرار السياسي والموقع الجغرافي الهام للسلطنة والتي توفر كل الظروف اللازمة لاستثمار آمن ومُجزٍ، وعن الخطة التنموية الجديدة في سلطنة عُمان التي تركز في جزء منها على تنمية العديد من القطاعات الاقتصادية مثل قطاعات التصنيع، النقل واللوجستيك، التعدين والسياحة.

تحدّث معالي الدكتور حازم الناصر  وزير المياه والري في المملكة الأردنية الهاشمية، عن العلاقات الاقتصادية العربية الألمانية التي وصلت قيمة مُبادلاتها الى 50 مليار يورو، مؤكدا بأن قيمة هذه المبادلات سوف تتضاعف في حال عودة الاستقرار الى المنطقة العربية، وأشار الى الخطة التنموية التي اقرها الأردن للخمس سنوات القادمة والبالغ كلفتها 25,5 مليار دولار وسُتركّز على تنمية وتطوير قطاعات المياه، التعليم، الصحة والسياحة، على ان يتم تمويل نصف تكاليف هذه الخطة التنموية عبر الشراكة مع القطاع الخاص.

تناولت الجلسات الخاصة بالملتقى مواضيع أبرزها: “التصنيع في العالم العربي: نقل التكنولوجيا والتنوع والتطور الاقتصادي”، “تقلبات أسعار النفط: التأثيرات على العلاقات التجارية بين ألمانيا والعالم العربي”، “التعليم و التنمية: القطاع الرائد في العالم العربي”، “التخطيط الحضري والبيئة: الاستدامة من أجل مستقبل أفضل”، “مشاريع البنية التحتية الكبرى: بناء المستقبل”، “منظور المرأة: التحول الرقمي، والتنوع والتنمية”، “التنويع الاقتصادي في البلدان العربية: الفرص والتحديات”، كما خُصصت جلسة لبحث فرص التعاون الاقتصادي في سلطنة عمان تحت عنوان “سلطنة عُمان بلد مُستقر للاستثمار والأعمال”.