أجرى صاحب السمو أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح محادثات سياسية واقتصادية ‏ناجحة في زيارة تاريخية كونها الأولى يقوم بها أمير لدولة الكويت إلى جمهورية ألمانيا الاتحادية. وعقد ‏الأمير الذي لبى دعوة رسمية من رئيس الدولة الاتحادية هورست كولر محادثات مكثفة معه ومع ‏المستشارة الاتحادية أنغيلا مركل ورئيس البرلمان الاتحادي (البوندستاغ) نوربرت لامرت وزعيم المعارضة ‏فرانك فالتر شتاينماير كما ألقى كلمة في حفلة العشاء التي نظمتها على شرفه غرفة التجارة والصناعة ‏العربية الألمانية في 26 أبريل 2010 بالتعاون مع سفارة دولة الكويت وغرفة تجارة وصناعة الكويت ‏وإتحاد الصناعات الألمانية حضرها 120 من كبار الشخصيات ورؤساء المؤسسات والشركات الألمانية ‏وسفراء الدول العربية في ألمانيا.‏

وأثنى رئيس غرفة التجارة والصناعة العربية الألمانية الدكتور توماس باخ خلال في كلمته الترحيبية على ‏الرؤية الواضحة التي يتمتع بها أمير الكويت والهادفة" إلى تحديث بلده وإعداد عدَّتها للمستقبل" ملاحظا ‏أن انتباه سموّه "ينصبّ على تأمين مستقبل الشباب وتطوير العلم والتربية والاقتصاد". وبعد أن أشار إلى ‏اهتمام الأمير بتنمية بلده، وصدى ذلك الطيب في ألمانيا، أثنى رئيس الغرفة على الجهود التي يبذلها ‏سمو الأمير في الأوساط الإقليمية والدولية من أجل ضمان السلام والاستقرار في المنطقة. ‏

وأضاف باخ أن الكويت وألمانيا وسَّعا الشراكة الاقتصادية في ما بينهما في إطار من الصداقة على مدى ‏العقود الأخيرة. كما أثنى على الخطط والمشاريع التي عرضها نائب رئيس الحكومة للشئون الاقتصادية، ‏وزير الدولة لشئون التنمية ووزير الدولة لشئون الإسكان الشيخ أحمد الفهد مع رجال الأعمال الألمان. ‏وحضَّ باخ رجال الأعمال الألمان على استغلال الفرص السانحة في الكويت للعمل والاستثمار فيها مكررا ‏الثقة التي يوليها الكويتيون للاقتصاد الألماني.‏

‎ ‎‏ وفي كلمة له أكد حضرة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أن محادثاته مع المستشارة ‏مركل كانت إيجابية وساهمت في تطوير الشراكة بين البلدين الصديقين ودعمها". وأضاف أن الجانبين ‏‏"توصلا إلى تفاهم مشترك بشأن القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، ما سيؤدي إلى دعم ‏جهودنا جميعا لتحقيق أمن وسلام وتنمية العالم". كما قدّم الشكر لفخامة الرئيس هورست كولر وللمستشارة ‏السيدة أنجيلا مركل والمسئولين الألمان على كرم الضيافة وحسن الاستقبال.‏

ولفت الأمير إلى أن القواسم المشتركة "تمثل أرضية صلبة لتطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية"، الأمر ‏الذي يمثل امتدادا للعلاقة المتميزة بين البلدين. وأشار إلى التوجهات الرئيسة للرؤى التنموية التي تبنتها ‏الكويت لافتا الانتباه إلى خطة التنمية فيها "التي تهدف إلى تنويع مصادر الدخل القومي وعدم قصره على ‏النفط ومشتقاته، والرقي بالخدمات العامة". ‏

كما أعرب سموّه عن ترحيب بلده بمشاركة المؤسسات والشركات الألمانية للمساهمة في تنفيذ المشاريع ‏التنموية التي تضمنتها الخطة، خصوصا في ظل التشريعات التي تم إقرارها والهادفة إلى تحفيز رجال ‏الأعمال الأجانب على الاستثمار وتقديم جميع الضمانات الممكنة على حركة رؤوس الأموال وتقديم ‏التسهيلات المشجعة سواء بشكل فردي أو بالاشتراك مع رجال الأعمال الكويتيين".‏

وأكد رئيس غرفة تجارة وصناعة الكويت علي ثنيان الغانم أن الكويت "تسعى لاستكمال برنامج الإصلاح ‏من خلال خلق شراكة استراتيجية تنموية حقيقية بين الكويت وألمانيا" مشيرا في هذا الصدد إلى أن بلده ‏من أوائل الدول العربية المستثمرة في ألمانيا وأكثرها خبرة في مجالاتها وأسواقها. وبعد أن دعا إلى ضرورة ‏توفير الشروط اللازمة لتحقيق رؤية تحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري كشف أن الناتج المحلي ‏للاقتصاد الكويتي تجاوز ال 136 مليار دولار عام 2008 ليصل معدل دخل الفرد إلى 45 ألف دولار. ‏

وأردف الغانم أن بلده يخطط لتنفيذ برنامج استثماري تنموي تصل تكاليفه إلى أكثر من 100 مليار دولار ‏تتوزّع مشاريعه العملاقة على البنى التحتية بصورة أساسية. وعن التبادل التجاري بين البلدين قال إن ‏حجمه بلغ عام 2008 مليار ونصف المليار يورو تقريبا. ووجه دعوة إلى غرفة التجارة والصناعة العربية ‏الألمانية وإتحادات التجارة والصناعة الألماني لتنظيم وفد اقتصادي كبير لزيارة دولة الكويت للاطلاع على ‏خطط التنمية وتدارس المشاريع. ‏

وقال الدكتور مانفرد فيتّنشتاين نائب رئيس اتحاد الصناعة الألمانية، رئيس الرابطة الألمانية لصناعة ‏الآلات والأجهزة، في كلمة الاتحاد الذي يمثل 34 رابطة اتحادية وأكثر من 100 ألف رجل أعمال ‏وشركة يشغّلون ثمانية ملايين عاملة وعامل لافتا إلى وجود عدد من كبار رجال الأعمال هؤلاء في اللقاء ‏لتأكيد الاهتمام الكبير بالكويت. وأضاف أن البرلمان الكويتي أقرَّ في فبراير هذا العام خطة التنمية العامة ‏للبلاد بكلفة تصل إلى 102 مليار دولار "واضعا بذلك أسس المستقبل". وتابع أنه في مجال السكن والنقل ‏والطاقة ستُنفَّذ مشاريع مخطَّطة بقيمة 21 مليار دولار مشيرا إلى أن تنفيذها "يستوجب استخدام تكنولوجيا ‏عالية المستوى ومعرفة هندسية متطورة".‏

وإذ شدَّد على أن الشركات الألمانية "مستعدة لنقل المعرفة معها إلى الكويت من أجل تنفيذ مشاريع خطة ‏التنمية" لفت فيتّنشتاين إلى أن رابطته الألمانية لصناعة الآلات والأجهزة توجه أنظارها بصورة خاصة ‏حاليا إلى دول الخليج العربية. وكشف أن الرابطة تعمل حاليا على إعداد ما أسماه "مبادرة بيتروكيماوية ‏لمجلس التعاون لدول الخليج العربية" للفت الانتباه إلى نحو 400 شركة ألمانية تعمل في هذا المجال. ‏وبعد أن تحدَّث عن دراسة توضع الآن عن سوق المنطقة والتحضير لقيام كبار رجال الأعمال برحلة إلى ‏المنطقة قال: "نرى هنا في الكويت أيضا جود إمكانات كبيرة لشركاتنا المتخصصة تخصصا عاليا". ‏وأضاف أن قسما كبيرا من الاقتصاد الألماني مهتم كذلك بتوسيع مجال الاستثمارات بين الطرفين مشيرا ‏إلى أن الكويت بدأت مبكرا في ممارسة استثمار استراتيجي في ألمانيا وكسبت الكثير من الثقة.‏

وقدَّم نائب رئيس الوزراء الكويتي للشئون الاقتصادية، وزير الدولة لشئون التنمية، وزير الدولة لشئون ‏الإسكان الشيخ أحمد فهد الأحمد الجابر الصباح عرضا موجزا عن خطة حكومته التنموية على المديين ‏المتوسط والطويل فقال إنه انطلاقا من رؤية سمو الأمير بجعل الكويت مركزا ماليا وتجاريا حرصت ‏الحكومة على وضع خطة سنوية لتحقيق هذه الرؤية. وإذ أشار إلى اعتماد نهج المرونة بالإنفاق المشترك ‏بين القطاعين العام والخاص أكد أن الكويت تسير بهذا المشروع "بقيادة داعمة ومؤمنة به وبمباركة شعبية ‏كادت أن تكون إجماعا في البرلمان". وأضاف أن ذلك تحقق بفضل وجود "دستور وتجربة ديمقراطية ‏رائدة، وبنية تحتية جاهزة، وبنية قانونية وتشريعية، وقضاء مستقل وعادل". وتوقع أن يزيد الإنفاق ‏الحكومي على 15 مليار دولار في السنة الأولى من الخطة وبقدر مماثل من القطاع الخاص أيضا "الذي ‏سيكون شريكا في عملية التنمية التي ستشمل كذلك الخصخصة وإنشاء شركات مساهمة". وتحدث نائب ‏رئيس الوزراء عن 800 مشروع بينها 12 مشروعا رئيسا للتنفيذ، وإنشاء أربع مدن سكنية، ومحطتي ‏كهرباء، ومطار وميناء مع منطقة حرَّة في شمال الكويت. وبعد أن ذكر نائب رئيس الوزراء أن 63 في ‏المئة من المشاريع "تهتم ببناء الإنسان وضمان التنمية المستدامة" لفت إلى أن الخطة "ترتكز على ‏قطاعات البنية التحتية المتمثلة في بناء الموانئ والمطارات والطرق ووسائل النقل بما فيها القطارات". ‏

وشدد الشيخ أحمد الفهد على أن قطاع الصحة يحتاج إلى دعم كبير في المرحلة المقبلة مشيرا إلى ‏ضرورة جعل قطاع التعليم متوافقا مع متطلبات السوق. وأردف أن المطلوب خلال السنوات الأربع المقبلة ‏رفع الطاقة الإنتاجية للكهرباء كاشفا عن وجود توجه لإعطاء جميع الصناعات التحويلية للقطاع الخاص ‏فضلا عن بناء مدن سكانية كاملة المحتويات يطلق عليها اسم "المدن الخضراء". وإذ لفت إلى اهتمام ‏سمو الأمير بقطاع الطاقة البديلة أكد "وضع البنى التحتية للتشريعات اللازمة التي تتيح استخدام الطاقة ‏النووية السلمية".‏

وكان نائب رئيس الوزراء التقى قبل الحفل نخبة من ممثلي الاقتصادي الألماني حيث أطلعهم على خطة ‏التنمية بتفصيل شمل مختلف القطاعات. ‏