وافقت ولاية هامبورج على بيع جزء من شركة ميناء هامبورج للخدمات اللوجستية (HHLA) والتي تعتبر اهم شركة نقل ودعم لوجستي تعمل في ميناء هامبورج وتدير ثلاث محطات من الأربع محطات مناولة الحاويات التي يمتلكها الى شركة البحر المتوسط للنقل البحري (MSC) السويسرية والتي تعد أكبر شركة نقل بحري في العالم. وستستحوذ الشركة السويسرية على نسبة 49.9 في المئة من أسهم شركة ميناء هامبورج فيما ستحتفظ حكومة الولاية بالنسبة المتبقية. وتأتي اتفاقية الشراكة هذه في إطار سعي حكومة الولاية الى ضخ مزيد من الاستثمارات لتطوير وتحديث البنية التحتية لميناء هامبورج ورفع قدرته التنافسية ليس فقط مع الموانئ الألمانية الأخرى ولكن مع اهم وأكبر الموانئ الأوروبية.

     ويعاني ميناء هامبورج من تراجع عدد الحاويات التي يتم مناولتها حيث انخفض عددها في النصف الأول من العام 2023م، بنسبة 11.7 في المئة ليصل إلى 3.8 مليون حاوية مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وتعد هامبورج الآن ثالث أكبر ميناء في أوروبا بعد ميناء روتردام في هولندا وميناء أنتويرب في بلجيكا، ففي العام الماضي، تم مناولة حوالي 14.5 مليون حاوية في ميناء روتردام، وتم مناولة حوالي 13.5 مليون حاوية في أنتويرب. أما في هامبورج، فلم يتجاوز عدد الحاويات التي تم مناولتها خلال العام 2022م، بأكمله 8.3 مليون حاوية. وفي حين زادت حركة الحاويات في مينائي أنتويرب وروتردام بأكثر من 40 في المئة بين عامي 2007م و2021م، شهدت حركة الحاويات في ميناء هامبورج في نفس الفترة انخفاضًا بنسبة 12 في المئة.

     يعود هذا التراجع في حجم الحاويات التي تعامل معها ميناء هامبورج مقارنة بالزيادة التي شهداها مينائي روتردام وأنتويرب الى عدة أسباب من أهمها المزايا الجغرافية لموانئ روتردام وأنتويرب، حيث يقع الميناء في روتردام على الساحل مباشرة وتقع محطات مناولة الحاويات مباشرة على المياه العميقة ويمكن لأكبر سفن الحاويات في العالم الوصول إليها دون قيود. في المقابل، يقع ميناء هامبورج على بعد 100 كيلومتر من المياه المفتوحة ويتعين على سفن الحاويات الضخمة التي يبلغ طولها 400 متر مع غاطس يزيد عن 13 مترًا، استخدام موجة المد والجزر للدخول الى الميناء عبر نهر Elbe. كما لا تستطيع بعض السفن دخول الميناء وهي محملة بالكامل. الى جانب ذلك تأتي تكلفة مناولة الحاويات في ميناء هامبورج العالية مقارنة بالموانئ الأخرى حيث ان كلفة التعامل مع حاوية في ميناء روتردام أقل بنسبة تصل إلى 30 في المئة عنها في هامبورج. وترجع هذه التكاليف المرتفعة في ميناء هامبورج إلى عدم أتمتة العمليات في الميناء بنفس الدرجة التي عليها العمليات والتشغيل في الموانئ الأوروبية الكبرى الأخرى.

     وقد انعكس تأخر ميناء هامبورج في جانب أتمتة التشغيل في انخفاض كفاءة الاداء، ففي مؤشر أداء الموانئ الخاصة بالحاويات (CPPI) والذي نشره البنك الدولي بالتعاون مع مؤسسة ستاندرد آند بورز لمعلومات السوق العالمية (S&P Global Market Intelligence)، تراجع ميناء هامبورج بنحو 100 مركز في غضون عام واحد، فمن بين 348 ميناء تم فحصها في جميع أنحاء العالم، جاء في المرتبة 328 فقط في تصنيف عام 2022م. أما الميناءان البحريان الألمانيان الكبيران الآخران فقد حققا أداء أفضل بكثير من حيث فعالية الأداء والتشغيل، حيث جاء ميناء Bremerhaven في المرتبة 60، وميناء Wilhelmshaven في المرتبة 118. لكن هذين الميناءين يعانيان أيضا من تراجع حجم التعامل مع الحاويات، حيث انخفضت عمليات الشحن في Bremerhaven بنسبة 25 في المئة تقريبًا بين عامي 2012م و2022م، إلى 4.6 مليون حاوية سنويًا. وفي Wilhelmshaven انخفض العدد مؤخراً أيضاً إلى ما يزيد قليلاً عن 685,000 حاوية في العام الماضي.

     من المقرر الآن أن يتلقى ميناء هامبورج دفعة قوية بعد مساهمة شركة MSC السويسرية في شركة ميناء هامبورج (HHLA) حيث تعهدت أكبر شركة شحن في العالم بزيادة حجم حمولتها في هامبورج بشكل كبير إلى ما لا يقل عن مليون حاوية سنويًا اعتبارًا من عام 2031م. كما دعا العديد من الخبراء والمختصين في مجال النقل البحري الى تحالف الموانئ الألمانية بدلا من حالة التنافس القائمة فيما بينها حاليًا وأن تعمل الموانئ البحرية الألمانية في هامبورج و Bremerhaven و Wilhelmshaven معًا بشكل أوثق من أجل تحسين وضعها التنافسي مقارنة بموانئ روتردام وأنتويرب.

بالإضافة الى ذلك انتقدت أطراف في قطاع النقل البحري الحكومة الاتحادية بسبب الدعم الضئيل الذي تقدمة للموانئ الألمانية والذي لا يتجاوز 38 مليون يورو سنويًا ولم تتم زيادة هذا التمويل منذ ما يقرب من 20 عاما، مشددين على ضرورة ان تقدم الحكومة دعما للموانئ البحرية بـ”ما لا يقل عن 500 مليون يورو سنويا”.