انخفض مؤشر ifo لمناخ الاعمال للشركات الألمانية خلال شهر أغسطس الى مستوى 85.7 نقطة متراجعا عن مستوى 87.4 نقطة الذي تم تسجيله في شهر يوليو الماضي، وهذا هو الانخفاض الرابع على التوالي. ويعود هذا التراجع إلى استمرار مدراء الشركات الألمانية في خفض تقييمهم لمستوى الاعمال والذي وصل في الوقت الحالي إلى أدنى مستوى له منذ أغسطس 2020م. بالإضافة إلى ذلك، أصبحت توقعات الشركات بشأن مستوى الاعمال خلال الأشهر القادمة أكثر سلبية خصوصا مع تزايد المخاوف من حصول ركود اقتصادي في ألمانيا.

     في قطاع الصناعة تراجع مؤشر الاعمال خلال شهر أغسطس الى مستوى (- 16.6 نقطة) بعد ان كان عند مستوى (-13.9 نقطة) في شهر يوليو الماضي. وكانت الشركات العاملة في القطاع غير راضية عن مستوى اعمالها الحالي كما كانت توقعاتها عن مستوى الاعمال خلال الأشهر الستة القادمة شديدة السلبية خصوصا مع تراجع حجم الطلب على المنتجات والسلع الصناعية.

     وفي قطاع الخدمات، انخفض مؤشر الاعمال الى المنطقة السلبية حيث سجل المؤشر في أغسطس مستوى ( -4.2 نقطة) منخفضًا من مستوى شهر يوليو الذي بلغ نقطة واحدة. وزاد عدم رضا شركات القطاع عن مستوى اعمالها الحالي بشكل ملحوظ الى جانب ذلك تتوقع الشركات مزيدًا من تراجع مستوى الاعمال في الأشهر القادمة.  

     كما انخفض مؤشر مناخ الأعمال في قطاع التجارة والذي بلغ في أغسطس مستوى (-25.5 نقطة) بينما كان عند مستوى (-23.7 نقطة) في يوليو الماضي. وكان تقييم الشركات لمستوى اعمالها في الوقت الحاضر أكثر سلبية، كذلك كانت توقعاتها سلبية فيما يتعلق بمستقبل الاعمال خلال الأشهر القادمة.

     وفي قطاع البناء، واصل مؤشر مناخ الأعمال تراجعه ليسجل في أغسطس مستوى (-29.3 نقطة) متراجعًا عن مستوى شهر يوليو الماضي والذي كان (-24.6 نقطة). وقد ارتفع عدم رضا شركات القطاع عن مستوى أعمالها الحالي بشكل لافت بالإضافة الى ان توقعاتها حول الاعمال خلال الفترة القادمة كانت متشائمة بشكل أكبر.    

     من جانب أخر اظهر تقرير لمكتب الإحصاء الاتحادي (Destatis) ان الناتج المحلي الإجمالي في ألمانيا لم يسجل نموًا او تراجعًا في الربع الثاني من العام 2023م، وذلك بعد ان كان هذا الناتج قد تراجع لربعين متتالين، حيث تراجع في الربع الرابع من العام 2022م، بنحو 0.4 في المئة وفي الربع الأول من العام الحالي بنسبة 0.1 في المئة. وهو ما وصفته Ruth Brand, رئيسة مكتب الإحصاء الاتحادي، بان الاقتصاد الألماني قد “استقر” في الربع الثاني.

     وكان معدل الاستهلاك الخاص قد ارتفع في الربع الثاني من العام الحالي بشكل طفيف مسجلا نموًا بنحو 0.1 في المئة وذلك بعد انخفاضين في ربعين متتاليين، كما ارتفع الإنفاق الاستهلاكي الحكومي أيضا بنفس النسبة بعد ان شهد هو الاخر انخفاض في أوقات سابقة. كذلك شهد الاستثمار الرأسمالي ارتفعاً طفيفا في الربع الثاني حيث سجل الاستثمار في الآلات والمعدات والمركبات نموًا بنسبة 0.6 في المئة مقارنة بالربع السابق. بينما ارتفعت الاستثمارات في المباني بنسبة 0.2 في المئة. اما في جانب الصادرات فقد تراجعت صادرات ألمانيا من السلع والخدمات خلال الربع الثاني 2023م، بنسبة 1.1 في المئة مقارنة بالربع السابق بينما استقرت الواردات عند نفس المستوى بدون تغيير خلال نفس الفترة.

     وبالرغم من توقف انكماش الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثاني 2023م، والخروج من حالة الركود الفني فان بقاء الاقتصاد دون تحقيق أي نمو لثلاثة ارباع متتالية لن يمكن ألمانيا من تعويض الخسائر الاقتصادية التي عانت منها خلال سنوات جائحة كورونا وما بعدها، خصوصا ان توقعات البنك المركزي الألماني تشير الى انه من المحتمل ان يظل الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثالث 2023م، دون تغيير إلى حد كبير مرة أخرى.

     بالمقارنة بين التطورات الاقتصادية في الربع الثاني من العام الحالي ونفس الربع من العام السابق، كان الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثاني من عام 2023م، أقل بنسبة 0.6 في المئة عما كان عليه في الربع الثاني من عام 2022م.  كما كان الإنفاق الاستهلاكي الخاص في الربع الثاني من عام 2023م، أقل بنسبة 1.2 في المئة عما كان عليه في الربع نفسه من العام السابق. وانخفض الإنفاق الاستهلاكي الحكومي بشكل أكثر حدة بنسبة 3.1 في المئة، ويعود ذلك إلى الانخفاض الكبير في الإنفاق الحكومي فيما يتعلق بجائحة كورونا.

     في مجال الاستثمارات كان الوضع مختلف الى حد ما، حيث شهد الربع الثاني من العام الحالي استثمارات أكبر في المعدات والآلات مقارنة بالعام السابق حيث كانت أعلى بنحو 4.4 في المئة. في مجال استثمارات البناء أدى استمرار ارتفاع الأسعار وارتفاع أسعار الفائدة على القروض العقارية إلى انخفاض هذه الاستثمارات بنسبة 0.7 في المئة مقارنة بالربع الثاني من عام 2022م. وبشكل عام، كان إجمالي الاستثمارات الرأسمالية في الربع الثاني 2023م، أعلى بنسبة 1 في المئة عما كان عليه في الربع نفسه من العام السابق. في التجارة الخارجية تم في الربع الثاني 2023م، تصدير سلع وخدمات أقل بنسبة 1.6 في المئة مقارنة بنفس الفترة من العام السابق، كما انخفضت الواردات لنفس الفترة بنسبة 1.8 في المئة.

     وفيما يتعلق بتقديرات النمو الاقتصادي لمجمل العام 2023م، يتوقع صندوق النقد الدولي أن ينكمش الاقتصاد الألماني هذا العام بنسبة 0.3 في المئة وأن يعود إلى النمو مرة أخرى بنسبة 1.3 في المئة فقط في عام 2024م. وألمانيا هي الدولة الصناعية الوحيدة التي يتوقع صندوق النقد الدولي انخفاضًا في الناتج الاقتصادي لها خلال العام 2023م. من جانبه يتوقع بنك أعادة الاعمار والتنمية الحكومي KfW ان ينخفض الناتج المحلي الإجمالي لألمانيا في العام 2023م، بنسبة 0.4 في المئة، وان يسجل نموًا في العام 2024م، بنسبة 0.8 في المئة فقط.

     ويرى العديد من الخبراء الاقتصاديين ان تزايد التوقعات بحدوث انكماش اقتصادي في ألمانيا هذا العام يعود الى ان ألمانيا تمر بوضع اقتصادي صعب مع العديد من التحديات الهيكلية. وأوضحت عضو لجنة حكماء الاقتصاد الألماني Veronika Grimm، أن الاقتصاد شهد أزمتين عميقتين، أولا جائحة كورونا وما تسبت فيه من مشاكل في سلاسل التوريد وتراجع الإنتاج ثم الحرب في أوكرانيا وما تلاها من أزمة في الطاقة. وأكدت Grimm ان ارتفاع أسعار الطاقة ألحق الضرر بألمانيا أكثر من البلدان الأخرى بسبب الدور المهم والأساسي للصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة في الاقتصاد الألماني. كما رأت عضوة لجنة حكماء الاقتصاد ان نقاط الضعف الهيكلية في اقتصاد ألمانيا تتمثل في الضرائب المرتفعة على الشركات والبيروقراطية التي أدت إلى تثبيط الاستثمار لسنوات، بالإضافة إلى النقص في العمال المهرة نتيجة لشيخوخة المجتمع والتراجع الكبير في جودة البنية التحتية.

سوق العمل: ارتفاع البطالة وعدد الموظفين في المهن الرقمية يتجاوز المليون موظف للمرة الأولى

      ارتفع عدد العاطلين عن العمل في ألمانيا خلال شهر يوليو 2023م، بحوالي 62 ألف شخص ليصل مجموع عدد العاطلين عن العمل الى 2.617 ألف شخص. وبالمقارنة بنفس الشهر من العام الماضي يكون عدد العاطلين قد ارتفع بما يقرب من 147 ألف شخص. ومع هذا الارتفاع في عدد العاطلين ارتفع معدل البطالة في ألمانيا بنحو 0.2 نقطة مئوية ليصل معدل البطالة الى 5.7 في المئة. وبالمقارنة مع نفس الشهر من العام الماضي، ارتفع المعدل بنسبة 0.3 نقطة مئوية. وعلى الرغم من ان ارتفاع عدد العاطلين عن العمل في شهر يوليو يعد امرا متوقعا في هذا الوقت من السنة الذي يتزامن مع العطلة الصيفية الا ان التراجع الاقتصادي بدأ في ترك اثارة على سوق العمل.  وعلقت Andrea Nahles، رئيسة وكالة العمل الاتحادية (BA)على تطورات سوق العمل في شهر يوليو بالتأكيد على ان نمو الطلب على العمالة فقد الزخم وان الشركات أصبحت أكثر حذرًا في توظيف عمال جدد.

     اما فيما يتعلق ببرنامج العمل بدوام مختصر فقد سجلت الشركات خلال الفترة ما بين 1-26 يوليو نحو 35 ألف موظف جديد في البرنامج. كما أظهرت أحدث بيانات وكالة العمل ان عدد المستفيدين من تعويضات البرنامج العمل لوقت قصير قد بلغ في شهر مايو 2023م، 131 ألف شخص بعد ان كان عند مستوى 139 ألف في شهر ابريل و160 ألفًا في شهر مارس 2023م.  علاوة على ذلك استمر عدد الوظائف الشاغرة المسجلة في وكالة العمل الاتحادية في الانخفاض حيث تم تسجيل 772 ألف وظيفة شاغرة في شهر يوليو، أي اقل بمقدار 108 ألف وظيفة في نفس الشهر من العام الماضي.

     في سياق متصل، تجاوز عدد الموظفين في المهن الرقمية في ألمانيا حاجز المليون موظف للمرة الأولى حيث ارتفع عدد الموظفين في هذا القطاع خلال السنوات العشر الممتدة بين عام 2013م، والعام 2023م، بنحو 380 ألف موظف او ما نسبته 60 في المئة. وبهذا يكون التوظيف في مجال المهن الرقمية قد نما بوتيرة أسرع من وتيرة نمو معدل التوظيف العام والذي زاد خلال فترة السنوات العشر الماضية بنسبة 16 في المئة.

     ويتطلب العمل في مهن تكنولوجيا المعلومات والرقمنة عادةً مؤهلاً مهنيًا على الأقل، وفي كثير من الحالات يتطلب أيضًا تدريبًا إضافيًا. وتتزايد نسبة خريجي الجامعات في موظفي تكنولوجيا المعلومات من سنة إلى أخرى حيث تبلغ في الوقت الحالي 41 في المئة، والاتجاه آخذ في الازدياد. ويعمل حوالي ثلث الموظفين في المهن الرقمية كمطوري برامج أو مبرمجين ويعمل ثلث أخر كمختصين في علوم الكمبيوتر، بينما تعمل النسبة الباقية كمسؤولين على الصفحات على شبكة الانترنت أو كمستشارين.

     وفي عام 2022م، بلغ عدد الوظائف الشاغرة المسجلة لدى وكالة العمل الاتحادية في تخصصات تكنولوجيا المعلومات حوالي 24000 وظيفة شاغرة وهو رقم قياسي جديد أيضًا، بالرغم من إن الطلب الفعلي على العمالة في هذه التخصصات أعلى من ذلك لأن الشركات لا يتعين عليها ابلاغ وكالة العمل عن جميع الوظائف الشاغرة لديها. وبشكل عام لا تزال الشركات ومنذ سنوات تواجه صعوبات في الحصول على موظفين مؤهلين في بعض تخصصات تكنولوجيا المعلومات.

تقلص الطبقة الوسطى في ألمانيا

     أظهرت دراسة حديثة أعدها معهد الدراسات الاقتصادية في جامعة ميونخ ifo ان الطبقة الوسطي في ألمانيا قد تقلصت وان الافراد من ذوي الدخل المتوسط ​​”على حافة قدرتهم على الصمود”.  فبعد ان كان أكثر من 80 في المئة من الألمان يصنفون أنفسهم على أنهم من الطبقة المتوسطة، كان في الواقع حوالي 26.1 مليون أسرة في ألمانيا في العام 2019م، تنتمي إحصائيًا إلى الطبقة المتوسطة. وهو ما يعادل أقل من ثلثي جميع الأسر او ما نسبته 63 في المئة.

     وأوضح Florian Dorn الباحث في معهد ifo، أن انخفاض الطبقة المتوسطة في ألمانيا يبدوا أكبر في حال مقارنته مع بقية الدول الأوروبية “فبينما كانت ألمانيا من حيث حجم الطبقة المتوسطة مقارنة بعدد السكان لا تزال على المستوى الأوروبي في المركز التاسع في عام 2007م، تراجعت في العام 2019م، الى المركز الرابع عشر “.  وأشار Dorn الى انه وخلال السنوات التي تلت الأزمة المالية والاقتصادية العالمية في العام 2009م، لم تتمكن ألمانيا من مواكبة تطور الزيادة في الطبقة المتوسطة في العديد من الدول الأوروبية الأخرى، فعلى سبيل المثال استطاعت دول مثل بلجيكا وفنلندا وفرنسا وبولندا واليونان من تجاوزها.

     وبحسب تعريف منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD، والذي اعتمدته الدراسة، فانه يتم تصنيف الشخص او العائلة بأنهم من الطبقة الوسطى في حالة ما كان صافي دخلهم السنوي على الشكل التالي: بالنسبة للأشخاص غير المتزوجين كان هذا يتوافق مع صافي دخل يتراوح بين 17,475 يورو و46,600 يورو سنويًا، وبالنسبة للأزواج الذين ليس لديهم أطفال، كان النطاق بين 26,212 يورو و69,900 يورو، وينتمي الأزواج الذين لديهم طفلان إلى الطبقة المتوسطة إذا كان صافي دخلهم السنوي يتراوح بين 36,698 يورو و97,860 يورو.

     وتبدوا الإشكالية الأساسية في الطبقة الوسطي في ألمانيا أنها وبالمقارنة مع الدول الأوروبية الأخرى تتحمل العبء الضريبي الأكبر. فبحسب Andreas Peichl، رئيس مركز الاقتصاد الكلي والدراسات الاستقصائية في معهد ifo، فإنه “مع وجود عبء يبلغ نحو 50 في المئة من إجمالي الدخل في نظام الضرائب والضمان الاجتماعي الألماني، فإن الأشخاص ذوي الدخل المتوسط ​​لا يملكون فعليا سوى نصف الدخل الذي يكسبونه”. وبالتالي فإن العمل الإضافي والمزيد من العمل لا يؤتي ثماره إلا بدرجة محدودة.

     وفي هذا الجانب ووفقًا لدراسة أجرتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، لا يزال العبء الضريبي على الأجور والرواتب في ألمانيا مرتفعا بالمقارنة الدولية، حيث تؤثر الضرائب والرسوم المختلفة على الدخل أكثر من أي بلد صناعي آخر تقريبا وتشكل ضرائب الدخل ومساهمات الضمان الاجتماعي نسبة عالية في ألمانيا بالمقارنة بالدول الصناعية. فمن بين الدول الأعضاء الـ 38، تحتل ألمانيا المرتبة الثانية بين الدول الصناعية بعد بلجيكا من حيث الضرائب ومساهمات الضمان الاجتماعي على الدخل المكتسب، ويبلغ متوسط ​​معدل الضريبة للزوجين اللذين لديهما أطفال 40.8 في المئة. فقط في بلجيكا يرتفع العبء ليصل إلى 45.5 في المئة. ويبلغ متوسط ​​العبء الضريبي في جميع دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية 29.4 في المئة. وحتى بالنسبة للأشخاص غير المتزوجين، تأتي ألمانيا في المركز الثاني من حيث عبء الضرائب والرسوم، ويبلغ معدل الضرائب والرسوم هنا 47.8 بالمئة. ومرة أخرى، تحتل بلجيكا فقط المرتبة الأعلى بنسبة 53 في المئة باعتبارها الأعلى في مجال الضرائب. خلف ألمانيا مباشرة تأتي فرنسا والنمسا وإيطاليا. ويبلغ متوسط ​​الضرائب في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية للأسرة الواحدة 34.6 في المئة.  ويتم تطبيق ضرائب أقل بكثير من متوسط ​​منظمة التعاون الاقتصادي على كل من الأشخاص غير المتزوجين والأسر التي لديها أطفال في سويسرا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية.

     الا ان الضرائب المرتفعة في ألمانيا تقابلها فوائد مباشرة للمجتمع والموظفين مثل استحقاقات المعاشات التقاعدية والتأمين الصحي والتأمين ضد البطالة، بينما وبحسب دراسة منظمة التعاون الاقتصادي، وبالمقارنة بالعديد من الدول الصناعية الأخرى، مثل الولايات المتحدة الأمريكية أو المكسيك أو اليونان، التي تمتلك أنظمة اجتماعية أقل تطورا، يتعين على الموظفين دفع مبالغ إضافية من أجل التأمين الصحي او المعاشات التقاعدية.

 الحكومة الألمانية تقر تمويل التحول المناخي بنحو 212 مليار يورو

     أقرت الحكومة الاتحادية خطة موازنة صندوق المناخ والتحول (KTF)، والمخصصة لتمويل التحول الأخضر للاقتصاد بقيمة تصل الى 212 مليار يورو تقريباً تغطي السنوات الممتدة من 2024 الى 2027م. واعتبر وزير المالية الاتحادي Christian Lindner، انه بإقرار هذه الميزانية فإننا ” نضع الأسس لنجعل فرص إزالة الكربون وتحقيق الرقمنة في المستقبل أكبر”. مؤكدا على ان الحكومة “لن تتخلى عن الافراد والأسر والشركات في هذا المجال وتتركهم يواجهون تكاليفه لوحدهم.”

     وكان تم إطلاق صندوق المناخ والتحول في عام 2010م، من قبل الحكومة الاتحادية التي كانت تتألف من أحزاب الاتحاد المسيحي بزعامة المستشارة السابقة انجيلا ميركل والحزب الليبرالي الديمقراطي من أجل المساعدة في تمويل التحول في الطاقة. وتتكون مصادر تمويل الصندوق بشكل أساسي من الرسوم التي تفرض على الشركات والمستهلكين الذين يتسببون بانبعاث ثاني أكسيد الكربون من خلال انشطتهم المختلفة والتي تسمى سعر ثاني أكسيد الكربون (CO2-Preis)، وهو المبلغ الذي يجب دفعه نتيجة التسبب في انبعاث طن واحد من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي.

     ويبلغ سعر ثاني أكسيد الكربون (CO2-Preis) في الوقت الحاضر 30 يورو تدفعه الشركات عن انبعاث كل طن من ثاني أكسيد الكربون بسبب أنشطتها. وأقرت الحكومة الاتحادية رفع سعر ثاني اكسيد الكربون بشكل تصاعدي خلال السنوات القادمة حيث سيبلغ في العام 2024م، 40 يورو ثم يرتفع في العام التالي 2025م، الى 50 يورو. وسيبلغ في العام 2026م، 65 يورو. على ان يصل في العام 2027م، الى مستوى 85 يورو تدفعه الشركات والمؤسسات في ألمانيا عن كل طن واحد من غاز ثاني أكسيد الكربون تتسبب في انبعاثه في الغلاف الجوي نتيجة اعمالها وانشطتها الاقتصادية.

     وبناء على هذا فمن المتوقع ان ترتفع إيرادات صندوق المناخ والتحول (KTF)، خلال السنوات القادمة، علاوة ان الصندوق تلقى من الحكومة الاتحادية حوالي 60 مليار يورو من الأموال التي تم اقتراضها سابقًا لتمويل برامج المساعدات الحكومية لمواجهة جائحة كورونا ولم يتم انفاقها.

     وتلجأ الحكومة الاتحادية الى الصندوق من اجل التمويل الكلي او الجزئي للعديد من البرامج والإجراءات والسياسات المتعلقة بحماية المناخ والبيئة وتعزيز رقمنة الاقتصاد بدلا من الانفاق عليها من الميزانية العامة بسبب “كابح الديون” المنصوص عليه في الدستور والذي يمنع الحكومة من الاقتراض الواسع اللازم لتمويل هذه البرامج.

     وتتضمن اهم بنود ميزانية صندوق المناخ والتحول (KTF) لتمويل التحول الأخضر للاقتصاد، المشاريع والبرامج التالية:

تبديل أنظمة التدفئة في المباني، وهو البند الأكبر في ميزانية التحول المناخي بحوالي 27 مليار يورو، وستخصص الأموال في هذا البرنامج لدعم ومساعدة الافراد والشركات على التحول من استخدام أنظمة التدفئة التي تعمل بالغاز والنفط بأخرى صديقة للبيئة مثل المضخات الحرارية. ويأتي هذا البرنامج في انتظار إقرار البرلمان الألماني (البوندستاج) لقانون التدفئة في شهر سبتمبر المقبل. وقد تم تخصيص مبلغ 18.8 مليار يورو من المبلغ الإجمالي لدعم هذا البرنامج في العام 2024م.

تحديث شبكة خطوط السكك الحديدية، وقد خصص لهذا البرنامج 12.5 مليار يورو. فبعد شهور من المفاوضات، وافقت الحكومة الاتحادية على توفير المزيد من الأموال لشركة السكك الحديدية Deutsche Bahn لتحديث شبكة الخطوط الحديدية. ومع ذلك، فإن المبلغ أقل بكثير مما أعلنت الشركة عن احتياجها له، فبدلاً من 45 مليار يورو التي كانت مأمولة، لن تتلقى شركة السكك الحديدية سوى 24 مليار يورو إضافية خلال الفترة من 2024 إلى 2027م. وستقوم الحكومة بتوفير مبلغ 11.5 مليار يورو الأخرى من الميزانية الاتحادية عبر ايرادات ضريبة ثاني أكسيد الكربون الجديدة على رسوم عبور الشاحنات.

دعم صناعة الإلكترونيات الدقيقة: وقد تم تخصيص مبلغ 12.2 مليار يورو من ميزانية صندوق المناخ والتحول (KTF) لدعم هذا البرنامج بعد ان كان تمويل إنشاء مصانع الرقائق الإلكترونية في السابق يتم من خلال الميزانية العامة. وقد تم تخصيص هذه الأموال لـ 31 مشروعًا لتوطين وتطوير صناعة الرقائق، بالإضافة إلى ذلك، ستستخدم هذه الاموال أيضا في تمويل ودعم المشاريع الكبرى مثل مشروع شركة TSMC التايوانية لصناعة الرقائق الالكترونية لبناء مصنع جديد للرقائق في مدينة درسدن في ولاية ساكسونيا، ويبلغ حجم الدعم المخطط تقديمة للشركة خمس مليارات يورو.

دعم المواد الخام، وقد حدد مبلغ 400 مليون يورو لهذا البرنامج بعد إصرار وزير الاقتصاد وحماية المناخ الاتحادي Robert Habeck.  حيث يسعى الوزير الى استخدام الصندوق لدعم تطوير مصادر جديدة للمواد الخام من أجل كسر الاعتماد على استيراد المواد الخام والمعادن النادرة من الصين. وسوف تستخدم هذه الأموال بشكل أساسي لدعم المشاريع البحثية لإعادة التدوير والاقتصاد الدائري.

الهيدروجين، الطاقة الشمسية، قانون الطاقات المتجددة: خصصت موازنة صندوق المناخ والتحول للفترة 2024-2027م، نحو 18.6 مليار يورو لدعم الطاقات المتجددة المختلفة وتطوير اقتصاد الهيدروجين بما في ذلك دعم شركات الحديد والصلب كثيفة الاستهلاك للطاقة في التحول إلى الهيدروجين. وقد تم تخصيص 3.8 مليار يورو لهذا الغرض في عام 2024م. كما أُقر ايضاً دعم تأسيس الشركات في ألمانيا التي تنتج تقنيات التحويل في الطاقة. ومن المقرر ان يبلغ حجم هذا الدعم مليار يورو في عام 2024م، و1.2 مليار يورو أخرى بحلول عام 2027م.

     الجدير بالإشارة ان الحكومة الألمانية المكونة من ائتلاف أحزاب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر والحزب الليبرالي الديمقراطي، تبحث في الوقت الحالي العديد من القوانين والقضايا المتعلقة بدعم النمو الاقتصادي وتحقيق الأمان الاجتماعي والتي تتضمن، على سبيل المثال مواضيع تحديد ميزانية خاصة بالتأمين الأساسي للأطفال الى جانب قرار خاص بتجميد الإيجارات على المستوى الوطني، وعلى وجه التحديد، عدم رفع ايجارات المساكن بأكثر من ستة في المئة خلال ثلاث سنوات، بالإضافة الى مناقشة تحديد سعر مخفض للكهرباء للشركات الصناعية  مدعوم من الدولة، إذ يتم البحث عن اقتراح وضع سعر قدره خمسة سنتات لكل كيلووات / ساعة، يسري لمدة خمس سنوات على الأقل للشركات التي تتضرر بشكل خاص من ارتفاع تكاليف الطاقة.

نمو الاستثمارات المحلية والأجنبية في صناعة الرقائق الإلكترونية في ألمانيا

     أعلنت شركة TSMC التايوانية لصناعة الرقائق الإلكترونية وأشباه الموصلات، والتي تعد أكبر شركة على مستوى العالم في هذا المجال، عن نيتها بناء مصنع لأشباه الموصلات في مدينة دريسدن عاصمة ولاية ساكسونيا. ومن المقرر أن يتم بناء المصنع بالاشتراك مع شركات Bosch وInfineon وNXP، والتي من المفترض ان تحصل كل منها على حصة في المصنع تبلغ 10 في المئة بينما ستحصل الشركة التايوانية على حصة 70 في المئة.  وتتضمن خطة المشروع ان يتم البدء في بناء المصنع منتصف العام 2024م، على ان يبدأ في الإنتاج في العام 2027م. وتتوقع شركة TSMC أن يتجاوز إجمالي الاستثمار في المصنع عشرة مليارات يورو بالإضافة الى ان الحكومة الاتحادية قد وعدت بتقدم دعم للمشروع بنحو 5 مليارات يورو. من جانبها بدأت مجموعة Infineon الألمانية في بناء مصنع للرقائق الالكترونية بقيمة خمس مليارات يورو في مدينة دريسدن، كما تمتلك شركة Bosch الألمانية وشركة Globalfoundries الأمريكية أيضًا مصانع للرقائق الإلكترونية في نفس المدينة.

     ورحب وزير الاقتصاد الاتحادي Robert Habeck بقرار شركة TSMC. وأوضح أن بناء المصنع سيساهم بشكل كبير في تزويد ألمانيا وأوروبا برقائق أشباه الموصلات. مؤكدًا ان قرار بناء المصنع في درسدن يظهر أن ألمانيا تمثل موقع جذاب وتنافسي للاستثمارات الأجنبية، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالتكنولوجيات الرئيسية مثل الإلكترونيات الدقيقة. وأضاف الوزير الاتحادي “إن الإنتاج المحلي القوي لأشباه الموصلات له أهمية خاصة لقدرتنا التنافسية العالمية، لأن أشباه الموصلات تحافظ على استمرارية عالمنا وتجعل التحول نحو الحياد المناخي ممكنًا في المقام الأول”. “بدونها، لا يمكن لأي كمبيوتر أن يعمل، ولا يمكن قيادة السيارات، ولا انتاج طاقة الرياح ولن تكون أنظمة الطاقة الشمسية قادرة على إنتاج الطاقة.”

     وبالإضافة الى مشروع شركة TSMC كانت مجموعة إنتل الأمريكية المصنعة للرقائق الالكترونية قد قررت بناء مصنع للرقائق في مدينة ماجديبورج عاصمة ولاية ساكسونيا انهالت بمجموع استثمارات تبلغ 30 مليار يورو من ضمنها منحة من الحكومة الاتحادية بنحو 9.9 مليار يورو. ويعد هذا المشروع أكبر استثمار أجنبي مباشر في تاريخ ألمانيا. وأعلنت مجموعة إنتل انها ستبدأ الإنتاج خلال أربع إلى خمس سنوات. وقال رئيس الشركة Patrick Paul Gelsinger، إن بناء المصانع خطوة مهمة نحو تأمين سلاسل التوريد المتوازنة والمرنة في أوروبا، معبرًا عن شكره للحكومة الاتحادية على ” الشراكة والالتزام المشترك” لدعم صناعة أشباه الموصلات الحيوية والمستدامة والرائدة في ألمانيا والاتحاد الأوروبي.

     من جانبه أعتبر المستشار الألماني Olaf Scholz ان بناء مصنع للشركة الامريكية في ولاية ساكسونيا انهالت، خطوة مهمة بالنسبة لألمانيا باعتبارها موقع إنتاج للتقنيات المتقدمة “مشددًا على انه من خلال هذا الاستثمار، تلحق ألمانيا بدول العالم من حيث التكنولوجيا وتوسيع قدراتها الخاصة لتطوير النظام البيئي وإنتاج الرقائق الدقيقة”. وأكد Scholz أن كل شريحة الكترونية ثالثة يتم إنتاجها في أوروبا تأتي من ولاية ساكسونيا. وأشار إلى أن “هناك المزيد ” حيث بالإمكان أن تصبح ألمانيا واحدة من أكبر مواقع إنتاج أشباه الموصلات في جميع أنحاء العالم.

     والى جانب الحكومة الألمانية تدعم مفوضية الاتحاد الأوروبي توطين صناعة الرقائق الالكترونية في دول الاتحاد حيث وافق البرلمان الأوروبي على قانون الرقائق والذي يعمل على دعم صناعة الرقائق الالكترونية الأوروبية بنحو 47 مليار يورو حتى العام 2023م. ويهدف القانون الى رفع حصة دول الاتحاد الأوروبي من السوق العالمي للرقائق الإلكترونية من نسبة 9 في المئة حاليا الى نسبة 20 في المئة. كما يهدف القانون ايضًا الى تحقيق قدر أكبر من الاستقلال عن سلاسل التوريد العالمية نظرا لاستخدامها على نطاق واسع في جميع القطاعات الاقتصادية تقريبا وبالذات على خلفية التوترات السياسية والاقتصادية الحالية بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية. ويسعى الأوروبيون إلى تحقيق قدر أكبر من الاستقلال عن المصنعين الآسيويين، حيث يأتي حاليًا ما بين 75 إلى 80 في المئة من الرقائق المنتجة في جميع أنحاء العالم من آسيا.

التبادل التجاري العربي الألماني يناير – يونيو 2023م

     بلغ حجم التبادل التجاري العربي الألماني خلال الفترة من يناير إلى يونيو عام 2023م ما قيمته ( 31,3 ) مليار يورو، مســــــــــجلاً ارتفاعا بنســـــــبة 38,02 ) ( في المئة مقارنة بالفترة نفســــــــها من العام الماضي 2022م، حيث ارتفعت قيمة الصادرات الألمانية الى الدول العربية خلال هذه الفترة بنســـــــــبة 25,28 ) ( في المائة لتصل قيمتها الى 17,7 مليار يورو، كما ارتفعت قيمــــــــة الواردات الألمانية من الدول العربية بنســــــبة ( 59,02 ) في المائة ووصلت قيمتها إلى 13,6 مليار يورو. وتصدّرت دولة الإمارات العربية المتحدة قائمة مستوردي السلع الألمانية من الدول العربية (4147,14 مليون يورو)، تليها المملكة العربية السعودية (3850,19 مليون يورو)، فجمهورية مصر العربية (2467,07 مليون يورو)، كما تصدّرت دولة الإمارات العربية المتحدة قائمة الدول العربية المصدّرة إلى ألمانيا (3900,75 مليون يورو).

 

التبادل التجاري بين ألمانيا والدول العربية يناير ـ يونيو 2023م مقارنة بالفترة نفسها من

عام 2022م (مليون يورو)

الواردات الألمانية

الصادرات الألمانية

البلد

يناير ـ يونيو

2023م

يناير ـ يونيو

2022م

التغيير%

يناير ـ يونيو

2023م

يناير ـ يونيو

2022م

التغيير%

الأردن

31,96

38,92

-17,88

421,75

367,05

14,90

الإمارات

3900,75

718,27

443,08

4147,14

3274,2

26,66

البحرين

122,17

114,58

6,62

370,98

164,87

125,01

تونس

1529,57

1286,99

18,85

928,83

870,85

6,66

الجزائر

741,01

1133,71

-34,64

1086,93

752,87

44,37

جيبوتي

0,67

0,49

36,73

8,26

11,41

-27,61

السعودية

1228,18

540,7

127,15

3850,19

2764,51

39,27

السودان

128,11

8

1501,38

34,8

66,86

-47,95

سوريا

6,43

5,53

16,27

22,72

21,46

5,87

الصومال

0,86

6,05

-85,79

10,08

7,34

37,33

العراق

684,02

830,55

-17,64

544,67

493,16

10,44

عمان

120,38

40,2

199,45

403,34

409,14

-1,42

فلسطين

2,21

2,11

4,74

68,5

56,84

20,51

قطر

367,94

231,25

59,11

557,06

644,25

-13,53

جزر القمر

1,21

2,41

-49,79

0,51

0,4

27,50

الكويت

281,8

12,97

2072,71

544,06

467,74

16,32

لبنان

24,45

25,43

-3,85

229,1

238,06

-3,76

ليبيا

2236,29

1866,69

19,80

271,29

231,12

17,38

مصر

740,52

602,35

22,94

2467,07

1866,69

32,16

المغرب

1481,85

1091,43

35,77

1674,64

1359,44

23,19

موريتانيا

27,57

28,91

-4,64

52,73

45,16

16,76

اليمن

0,25

1,25

-80,00

46,31

47,99

-3,50

المجموع

13658,2

8588,79

59,02

17740,96

14161,41

25,28