أقر البرلمان الالماني ومجلس الولايات التعديلات التي قدمتها الحكومة الاتحادية على قانون الهجرة للعمال المهرة من دول خارج الاتحاد الأوروبي بهدف جذب المزيد من العمال من دول ثالثة من أجل التخفيف من النقص في العمال المهرة في ألمانيا. وأكدت وزيرة الداخلية الاتحادية Nancy Faeser أنه مع التعديلات على القانون، فإن ألمانيا تهيئ الظروف لجلب أفضل المواهب من الخارج إلى ألمانيا، معتبرة ان القانون هو “أحدث قانون للهجرة في العالم”. حيث سيعتمد على تبسيط الإجراءات والحد من البيروقراطية من خلال ادخال نظام النقاط.

وتعاني ألمانيا بشكل متزايد من النقص في العمالة المؤهلة والذي يبلغ مئات الالاف من العمال حيث كان هناك نقص في العمال المهرة في الكثير من التخصصات بداية من التمريض ووصولا إلى الوظائف في الإدارة العامة. وبحسب دراسة أجرتها وكالة العمل الاتحادية فان هناك نقص في العمالة الماهرة في كل سادس مهنة. وبناءً على ذلك، كان هناك نقص حرج في 200 مهنة من حوالي 1200 مهنة تم تقييمها. ووفقًا للدراسة، تتأثر بشكل خاص من النقص في المختصين والعمال المؤهلين مهن التمريض وسائقي شاحنات النقل المحترفين والأخصائيين الطبيين والمهن المتعلقة بالبناء ورعاية الأطفال وهندسة السيارات وتخصص تكنولوجيا المعلومات. هذا بالإضافة الى الوظائف في قطاعات خدمات الفنادق وتقديم الطعام والإنشاءات المعدنية وسائقي الحافلات. واظهر مسح للوظائف قام به معهد أبحاث سوق العمل والوظائف (IAB) عن رقم قياسي جديد في عدد الوظائف الشاغرة في ألمانيا نهاية العام 2022م، حيث وصلت الى مستوى مليوني وظيفة شاغرة. كما عبر وزير العمل الاتحادي Hubertus Heil عن الخشية بان استمرار ازمة النقص في العمالة الماهرة سوف يؤدي الى نقص بنحو 7 ملايين من العمال المهرة بحلول العام 2035م. خصوصا ان التطور الديموغرافي وشيخوخة المجتمع يفاقم المشكلة.

وتتمثل أبرز التعديلات في قانون جذب العمالة الماهرة الجديد في خفض الحد الأدنى للرواتب التي تخول العمال او المختصين الحصول على “البطاقة الزرقاء” التي تعطيهم الحق في العمل في ألمانيا او في أي دولة من دول الاتحاد الأوروبي، حيث تم خفض الحد الأدنى الى 43800 يورو إجمالي سنويًا بدلا عن 58400 يورو سنويا. وينبغي أيضًا أن يكون أصحاب هذه البطاقة قادرين على تغيير أصحاب العمل، ولم شمل الأسرة الذي يسري على الزوجة والأولاد بالإضافة الى والدي الزوج والزوجة، والحصول على إذن الإقامة الدائمة في الاتحاد الأوروبي. بالإضافة إلى ذلك، ووفقًا للقانون الجديد، يجب أن يكون العمال المهرة “قادرين على القيام بأي عمل مؤهل” أي انه يحق لهم العمل في تخصصات خارج مؤهلاتهم الأصلية. فعلى سبيل المثال. بالنسبة لمتخصصي تكنولوجيا المعلومات على وجه التحديد، بإمكانهم أن يحصلوا أيضًا على “بطاقة الاتحاد الأوروبي الزرقاء” بدون ان تكون لديهم شهادة جامعية إذا تمكنوا من إثبات حصولهم على مؤهلات أخرى أدنى.

من التعديلات الجديدة الهامة ايضاً في قانون جذب العمالة الماهرة التخلي عن شرط الاعتراف المسبق بالمؤهل الأجنبي في ألمانيا قبل الحصول على تأشيرة الدخول والبدء في العمل. بالإضافة الى إمكانية ان يحصل العامل على فرصة للتدريب المهني في ألمانيا. كما تم التخلي عن شرط الحصول على مستوى معين من اللغة الألمانية كشرط مسبق للحصول على تأشيرة للبحث عن عمل.

الى جانب ذلك تم إقرار نظام النقاط للحصول على تأشيرة للبحث عن عمل في ألمانيا في استلهام للنموذج الكندي. وهو ما أطلق علية في القانون “بطاقة فرصة”، حيث يتم منح 12 نقطة بناءً على عدة معايير منها ان يكون العامل المؤهل حاصلاً على سنتين على الأقل من التدريب المهني أو شهادة جامعية او غيرها من المؤهلات بالإضافة الى العمر والذي كلما كان أصغر كلما كان عدد النقاط أكثر الى جانب مستوى المعرفة باللغة الألمانية او وجود أقارب يعيشون في ألمانيا. وإذا توفر للشخص ست نقاط على الأقل، فبإمكانه الحصول على “بطاقة فرصة” التي تؤهله للبحث عن وظيفة في ألمانيا لمدة عام واحد، بشرط أن يكون تمويل أقامته لهذه المدة مؤمناً. وسيتم تمديد البطاقة لمدة تصل إلى عامين إذا حصل الشخص على عقد عمل للتوظيف ووافقت عليه وكالة العمل الاتحادية.

اما فيما يتعلق بردود أفعال الشركات وأصحاب العمل فمن حيث المبدأ تقيم الاتحادات الصناعية التعديلات الجديدة على القانون بشكل إيجابي الا ان العديد من هذه الاتحادات ما تزال ترى ان هناك عقبات لم يتم ازالتها امام استقدام العمال المهرة من خارج الاتحاد الأوروبي اذ يعتقد Jörg Dittrich رئيس الاتحاد الألماني للحرف الماهرة (ZDH)، أن قانون الهجرة ما يزال بيروقراطي للغاية، ولا تزال هنالك العديد من العقبات والصعوبات امام العمال المهرة للقدوم الى ألمانيا. كما انتقد Felix Pakleppa، المدير العام للرابطة المركزية لصناعة البناء الألمانية، التركيز على العمالة الحاصلة على شهادات جامعية بينما يتم تجاهل العمالة التي تتمتع بخبرة مهنية.

من جانبها اقترحت Monika Schnitzer الخبيرة الاقتصادية ورئيسة مجلس حكماء الاقتصاد الألماني مزيدًا من الهجرة لمكافحة النقص في العمال المهرة، معتبرة ان قانون جذب العمال المهرة الجديد يسير بالفعل في الاتجاه الصحيح، لكن ألمانيا لا تحرز تقدمًا كبيرًا “بقدر ما نستطيع وينبغي”. وكإجراء ضد النقص المتزايد في العمال المهرة، ترى Schnitzer ان ألمانيا “تحتاج إلى 1.5 مليون مهاجر سنويًا”. بالإضافة الى ذلك تشير الخبيرة الاقتصادية الى الحاجة الى المزيد من التغييرات في إجراءات جذب العمال المهرة من أهمها ان لا تستمر مكاتب شئون الأجانب الحكومية في اتباع الإجراءات البيروقراطية التي تتسبب في احجام المهاجرين عن القدوم الى ألمانيا باعتبار ان هذه المكاتب تقدم خدمة حيث “لا ينبغي أن نطلب من العمال الأجانب المهرة التحدث باللغة الألمانية في كل وظيفة. بل يجب أن نتأكد من أن الموظفين في سلطات الهجرة يتحدثون الإنجليزية.”