وافقت الحكومة الاتحادية على مشروع موازنة 2024م. والتي بلغت 445.7 مليار يورو. وهو ما يمثل اقل بحوالي 30 مليار يورو، او ما يساوي 6 في المئة عن ميزانية العام الحالي 2023م، في إطار الإجراءات التقشفية التي اتبعها وزير المالية الاتحادي Christian Lindner، والتي من اهم أهدافها العودة الى الالتزام بمبدأ “كابح الديون” المنصوص عليه في الدستور، والذي جرى تعطيله خلال السنوات الماضية من قبل البرلمان الألماني بسبب ازمة كورونا وأزمة الطاقة ومن أجل إتاحة المجال للحكومة للاقتراض لتمويل برامج المساعدات الاقتصادية المختلفة. ويتمثل مبدأ “كابح الديون” في المادة 115 من القانون الأساسي التي تمنح الحكومة الاتحادية نطاقًا ضيقًا للاقتراض، عبر وضع حد أقصى لصافي الاقتراض عند نسبة 0.35 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

     ويتضمن مشروع الميزانية بالفعل ديون جديدة تبلغ 16.6 مليار يورو، وهو ما يعني عودة الحكومة الاتحادية الى الالتزام بكابح الديون في العام 2024م. ويتوقع ان تجرى بعض التعديلات على مشروع الموازنة خلال المشاورات البرلمانية كما هو معتاد قبل إقرار المشروع بشكل نهائي من البرلمان الاتحادي (البوندستاج)أوائل شهر ديسمبر القادم.

     ويمثل خفض نفقات الميزانية الاتحادية اتجاهاً عاماً متواصلاً منذ عدة سنوات، فبعد ان كانت ميزانية الحكومة الاتحادية قد سجلت رقما قياسيا في العام 2021م، حين بلغت 573 مليار يورو. اتجهت الميزانية الى الانخفاض بشكل تدريجي في الأعوام التالية.  ومع ذلك، لا تزال الميزانية المخططة للعام 2024م، اعلى من ميزانية العام 2019م، العام الذي سبق أزمة كورونا.  عندما أنفقت الحكومة الاتحادية 356 مليار يورو، وهو ما يجعل ميزانية الحكومة الاتحادية للعام 2024م، اعلى بنحو 25 في المئة.

     يشكل الانفاق على العمل والشئون الاجتماعية أكبر بنود الانفاق في بنود مشروع موازنة 2024م، وبما يتجاوز ثلث الموازنة بمبلغ 172 مليار يورو تقريبا وبزيادة تفوق الخمس مليار ات يورو مقارنة بميزانية العام 2023م، والتي تم فيها تخصيص مبلغ 166.2 مليار يورو لبند العمل والشئون الاجتماعية. كما شكلت موازنة الدفاع ثاني أكبر بنود الانفاق في الموازنة حيث تم تخصيص 51.8 مليار يورو للدفاع في مشروع موازنة 2024م، بعد ان كان هذا قد تم تخصص 50 مليار يورو تقريبا لهذا البند في موازنة 2023م. ويأتي رفع ميزانية الدفاع الى جانب خطط تخصيص 19.2 مليار يورو إضافية من ضمن مبلغ 100 مليار يورو الخاص بتسليح الجيش الألماني خلال العام القادم ضمن محاولات ألمانيا الالتزام بخطط حلف الناتو القاضية بتخصيص ما نسبته 2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي على الأقل لقضايا الدفاع والتسليح.

      كذلك ومن ضمن بنود الموازنة التي ستشهد زيادة في العام 2024م، اتى بند الرقمنة والمواصلات والذي يمثل أيضا ثالث أكبر بنود الانفاق اذ تضمنت خطط موازنة 2024م، انفاق38.7 مليار يورو على هذا البند في مقابل 35.6 مليار يورو تقريبا تم تخصيصها للرقمنة والمواصلات في ميزانية 2023م. ويأتي رفع ميزانية وزارة المواصلات والرقمنة في إطار توفير تمويل إضافي لعملية تجديد وتحديث السكك الحديدية في ألمانيا والتي قد تبلغ تكلفتها الاجمالية 45 مليار يورو بحلول العام 2027م.

     من جانب أخر شهدت عدد من بنود الانفاق في مشروع موازنة 2024م، تخفيضات كبيرة مقارنة بميزانية العام 2023م، وقد شهد البند المخصص للإنفاق على الصحة أكبر هذه التخفيضات حيث تراجعت الميزانية المخصصة للإنفاق على الصحة في 2024م، بنحو 9.3 مليار يورو الى مستوى 16.2 مليار يورو بعد ان كنت تبلغ 25.5 مليار يورو في العام 2023م. ويعود هذا التراجع الكبير في الاموال المخصصة للصحة الى توقف الإجراءات الاستثنائية المتعلقة بمكافحة جائحة كورونا.

      كما تم خفض مخصصات التعليم والبحث العلمي لتبلغ في مشروع موازنة 2024م، 20.3 مليار يورو بعد ان كانت تبلغ 21.5 مليار يورو تقريبا في ميزانية 2023م. ويعود خفض موازنة التعليم الى انتهاء برنامج دعم الطاقة المخصص للطلاب والذي كان يحصل الطالب بموجبة على 200 يورو لمرة واحدة كإعانة حكومية لمواجها ارتفاع اسعار الطاقة والكهرباء.    بالإضافة الى خفض مخصصات برنامج مساعدات الطلاب BAföG الى نحو 1.4 مليار يورو في مشروع موازنة 2024م، بعد ان كان 1.8 مليار في ميزانية العام الحالي.

     كما شمل التخفيض في الانفاق الحكومي خفض مخصصات الاسرة حيث تم تحديد مبلغ 13.35 مليار يورو لهذا الباب في مشروع موازنة 2024م، بعد ان كانت عند مستوى 13.7 مليار يورو في ميزانية العام 2023م. ويرجع السبب الرئيسي لهذا التراجع في الانفاق الى خفض الحد الأعلى لدخل الوالدين الذين يحق لهما الحصول على بدل تفرغ لرعاية أطفالهم حديثي الولادة من مستوى 300 ألف يورو في العام الى 150 ألف يورو فقط. 

      ومع التخفيض المخطط له في اغلب بنود إنفاق ميزانية الحكومة الاتحادية للعام 2024م، تظهر أيضا تخفيضات إيجابية في نفقات الميزانية، حيث ستتراجع نفقات خدمة الدين العام للحكومة بمقدار 3.3 مليار يورو من مبلغ 42.2 مليار يورو في العام 2023م، الى نحو 38.9 مليار يورو في موازنة العام 2024م.