يمثل ضمان إمدادات الطاقة بأسعار مناسبة أحد الشروط الأساسية لتحقيق النمو الاقتصادي والحفاظ على الازدهار والرفاهية. وخلال الفترة الماضية ونتيجة لعدد من المتغيرات مثل التطورات الجيوسياسية، واجهت إمدادات الطاقة العالمية، وعلى وجه التحديد إمدادات النفط والغاز، تحديات عدة. وفي هذا المجال تلعب منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) دورًا رئيسيًا في ضمان إمدادات النفط ودعم استقرار أسواقه. ومن أجل الحصول على المزيد من المعلومات عن التطورات الجارية في سوق النفط العالمي ودور منظمة أوبك المركزي فيه، أجرت مجلة السوق هذه المقابلة مع معالي السيد هيثم الغيص أمين عام منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك).

السوق: بالنسبة للعديد من الألمان، لا تزال منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) أسطورة تعود بالتأكيد إلى أزمة النفط عام 1973. وقد حدث الكثير منذ ذلك الحين. كيف تصفون دور أوبك اليوم؟

الغيص: جوهر مهمتنا هو ضمان استقرار السوق العالمية للنفط لصالح المنتجين والمستهلكين والاقتصاد العالمي. نسعى جاهدين للحد من تقلبات الأسعار وخلق بيئة مستدامة للاستثمار لضمان عائد عادل للمنتجين والمستثمرين وإمدادات فعالة واقتصادية ومنتظمة للمستهلكين.

يمثل النفط اليوم حوالي 30 في المئة من مزيج الطاقة العالمي. النفط هو حجر الزاوية في أمن الطاقة العالمي ويساهم استقرار إمدادات النفط بشكلٍ كبير في ازدهار ونمو البلدان المستهلكة حول العالم، بما في ذلك ألمانيا.

وبداية ومن أجل تبديد أي أحكام مسبقة عن منظمة أوبك، فأود التأكيد بأن المنظمة لا تستهدف أو تحدد أسعار النفط. كما ندرك تماماً أن أسعار النفط المرتفعة جدًا ليست في مصلحة المستهلكين، ولن تؤدي إلا إلى إعاقة النمو الاقتصادي.

بالنظر إلى أهمية النفط بالنسبة للعالم أجمع، فإننا نسعى إلى الحفاظ على آلية اتصال مفتوحة وتوسيع آفاق تعاوننا ولقد انخرطنا في حوارات مكثفة مع البلدان المستهلكة لسنوات عديدة. نحن نتحاور كشركاء مع الاتحاد الأوروبي منذ عام 2005م. فعلى سبيل المثال، أنا ألتقي بانتظام مع مسؤولين الطاقة في الاتحاد الأوروبي. كما تتبادل الفرق الفنية الأفكار والمعرفة فيما يخص أسواق النفط والطاقة. نحن أيضًا نجري محادثات مع مستهلكين رئيسيين آخرين مثل الصين واليابان والهند والولايات المتحدة الأمريكية.

وفد دولة الكويت في الاجتماع التأسيسي لمنظمة أوبك في بغداد في عام 1960م – by: OPEC

السوق: عمر أوبك الآن 63 عامًا. هل تغيرت الأسس التي قامت عليها المنظمة بمرور الوقت؟

الغيص: التقينا في يونيو الماضي في بغداد بمناسبة الذكرى الستين لتأسيس منظمة أوبك – في نفس القاعة التي شهدت تأسيس المنظمة في سبتمبر 1960م – بعد ان اضطررنا لتأجيل هذا الاحتفال لمدة ثلاث سنوات بسبب جائحة كورونا.

وكان هذا الاحتفال فرصة جيدة للغاية لنستذكر تعهد الأعضاء الخمسة المؤسسين (إيران والعراق والكويت والمملكة العربية السعودية وفنزويلا) القائم على أساس التعاون والتعهد بحماية مصالحهم الوطنية المشروعة والدعم المستمر لاستقرار سوق النفط العالمي على المدى الطويل. وبهذا تم رسم طريق جديد للدول المنتجة للنفط.

وفي احتفالية بغداد، وقعت الدول الأعضاء أيضًا إعلانًا جاء فيه: «أن المبادئ التي تأسست عليها هذه المنظمة خالدة. وستستمر هذه المبادئ في توجيه عملنا لسنوات وعقود قادمة». لذا يجب ألا يكون هناك سوء فهم حول أهدافنا.

كما قامت أوبك في العام 1976م، بتأسيس منظمة أخرى، وهي صندوق أوبك للتنمية الدولية. موّل هذا الصندوق مشاريع كبيرة في البنية التحتية والرعاية الصحية والعديد من القطاعات الأخرى، وبشكل متزايد أيضًا في مجال الطاقة المتجددة. ومن الضرورة هنا إلى الإشارة بأن كل هذه المشاريع لم يتم تنفيذها في الدول الأعضاء لمنظمة أوبك، ولكنها استهدفت البلدان النامية الأخرى التي غالبًا ما تفتقر إلى موارد الطاقة. وبهذا تتجلى الروح التي رافقت تأسيس منظمة أوبك، إذ لم نفكر فقط في تنمية بلداننا، ولكن فكرنا أيضًا في تعزيز التنمية العالمية ككل.

السوق: أوبك هي أحد الأدوات القوية والمهمة التي يمكن أن يكون لها تأثير كبير على التنمية الاقتصادية حول العالم.

الغيص: في البداية كنا خمسة منتجين للنفط، ومنذ ذلك الحين غادر البعض وانضم البعض الآخر. اليوم تضم أوبك 13 دولة عضو، بالإضافة إلى الشركاء في اتفاقية «إعلان التعاون المشترك» (أو ما يعرف بأوبك بلس) وهم عشرة دول أخرى يشتركون معنا في نفس الهدف، وهو الحفاظ على استقرار سوق النفط.

السوق: ما هي أوبك +؟

الغيص: الإعلام هو من اخترع مصطلح أوبك +، ولكون المصطلح لافت، ولذا غالباً ما نستخدمه نحن أيضاً. تجمع الدول هذا يعرف رسميًا بإعلان التعاون المشترك والذي تم توقيعه في ديسمبر 2016م، مع عشر دول غير أعضاء في منظمة أوبك. من الممكن أن تنضم دول أخرى إلى هذا التعاون في المستقبل حيث الهدف منه دعم استقرار سوق النفط العالمي. ولاتزال تحقق المجموعة نجاحاً تلو الأخر. الجدير بالذكر أن مجموعة العشرين والعديد من الحكومات الأخرى حول العالم قد أثنت على جهودنا.

رؤساء وفود دول أعضاء منظمة أوبك في الاجتماع الستة والثمانين بعد المئة في فيينا – by: OPEC

السوق: يرى البعض أوبك على أنها منظمة احتكارية. حيث هناك خشية من أن أوبك قد تسيء استخدام قوتها في السوق. كيف تتعاملون مع هذه المخاوف؟

الغيص: التعريف المقبول على نطاق واسع لمصطلح (منظمة احتكارية) هو «اتحاد لشركات أو مؤسسات تجارية مستقلة اقتصادياً أو قانونياً تقوم بمنع المنافسة عبر تحديد الأسعار».

ومن هنا يتضح لنا أن أوبك ليست بمنظمة احتكارية، بل هي منظمة دولية متكونة من دول أعضاء معترف بها ومسجلة لدى الأمم المتحدة. ليس لمنظمة أوبك أي نشاط تجاري، بل هي بمثابة منصة تسهل على الدول الأعضاء اتخاذ قرارات سيادية فيما يخص استخدام مواردهم الوطنية. وعلى عكس ما يعتقده الناس، فإن منظمة أوبك لا تحدد الأسعار.

السوق: هذا سيفاجئ الكثيرين. هل يمكنك أن توضح لنا ذلك؟

الغيص: بكل سرور. يتم تداول النفط في أسواق عالمية وبورصات العقود الآجلة التي تضم العديد من الأطراف وتتأثر بمجموعة متنوعة ومعقدة من العوامل الخارجة عن سيطرة أي طرف. يتم تداول حوالي 100 مليون برميل من النفط الخام يوميًا في السوق الفعلي، ولكن في بورصات العقود الآجلة مثل التي في لندن ونيويورك وسنغافورة، تبلغ فيها الكمية المتداولة من النفط الخام يوميًا حوالي 50 ضعف للإنتاج النفط اليومي العالمي. هناك عدد لا يحصى من الجهات التي تشترك في هذه الأنشطة، لذا فأن العوامل التي تأثر على مستويات الأسعار تختلف بشكل كبير مما يجعلها خارجة عن سيطرة الدول المنتجة للنفط.

وحتى لو بلغت حصة منظمة أوبك السوقية 30 في المئة، فهذا يعني أن 70 في المئة من حصة السوق لمنتجين من خارج المنظمة. وللعلم هناك حوالي 100 دولة حول العالم تنتج النفط، 13 دولة منها فقط هم أعضاء في منظمة أوبك.

السوق: مع ذلك من بينها بعض الدول الرئيسية المنتجة للنفط.

الغيص: صحيح، لكن هناك العديد من المنتجين الكبار الذين ليسوا بأعضاء في منظمة أوبك. فعلى سبيل المثال، الولايات المتحدة الامريكية هي اليوم أكبر منتج للنفط في العالم بقدرة إنتاجية تبلغ حوالي 12.5 مليون برميل يوميًا. روسيا الاتحادية تعد أيضاً من كبار المنتجين وهي جزء من منظومة أوبك+. كما يوجد العديد من الدول التي تنتج النفط بكميات كبيرة، مثل البرازيل وكندا والصين والنرويج ودول أخرى عديدة.

وغالبًا ما يُنسى أيضًا أن دول منظمة أوبك تتنافس مع بعضها البعض ومع الدول الأخرى المصدرة للنفط في الأسواق العالمية.

السوق: ما الذي تفعله «أوبك» لدعم استقرار سوق النفط؟

الغيص: مع بداية جائحة كورونا في أبريل 2020م، انخفض الطلب على النفط بشكلٍ كبير قدره 30 مليون برميل يوميًا. في ذلك الوقت، اتخذت أوبك + إجراء يعد الأكثر شمولاً واستدامة على الإطلاق في تاريخ الصناعة النفطية لمنع انهيار الأسواق وبالتالي الصناعات. لولا إجراءات منظومة أوبك +، لأدت الأوضاع آنذاك إلى مشاكل إضافية هائلة في العديد من القطاعات وفي العديد من البلدان.

مثال آخر: كانت هناك طفرة في إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة الأمريكية وزيادة كبيرة في الإنتاج العالمي في عامي 2014م و2015م. هنا أيضًا، تجاوبنا بنجاح مع الأوضاع وساهمنا في استقرار السوق.

دعني أوضح أن منظمة أوبك لا تريد أن يكون هناك فائضًا ولا نقصًا في المعروض. يعتبر التوازن بين العرض والطلب أمرًا أساسيًا، ويعد دعم توازن السوق بشكل مسؤول من أجل مصلحة جميع الأطراف من أهم مهام منظمة أوبك. هذا الأمر يعود بالفائدة كذلك على المستهلكين والاقتصاد العالمي.

منذ أن أصبحت أمينًا عامًا لمنظمة أوبك، لم أكل أو أمل من التشديد على أهمية زيادة الاستثمار بشكل سنوي لزيادة قدرة إنتاج النفط العالمية. فإن لم يتم توفير الاستثمار المطلوب، فسيؤدي هذا إلى حالة من النقص والتي ستؤدي بدورها إلى تقلبات شديدة في الأسواق. من الضروري أن نستثمر في توسعة قدرات إنتاج النفط وتكريره حتى في ظل مرحلة ما نشهده الان من الانتقال باستخدامات الطاقة. كما يجب أن يتزامن تأمين إمدادات الطاقة للجميع مع الجهود لخفض انبعاثات الكربون.

السوق: قبل بضع سنوات، جرى نقاش مكثف حول الوصول الى «ذروة النفط». كان هذا تعبيرًا مجازيًا عن قرب نهاية عصر النفط والغاز ويعني أيضًا أن الوقت قد حان للتحول إلى طاقات جديدة. نحن نتحدث الآن عن «ذروة الطلب». السؤال هنا متى سنصل الى ذروة الطلب العالمي على الطاقة. ما هي توقعاتك لاستهلاك وإنتاج الطاقة في المستقبل؟

الغيص: هذا سؤال مهم. لدي انطباع بأن هناك المزيد من الواقعية التي تخللت النقاش مؤخرًا. دعونا نلقي نظرة كاملة على الأوضاع: يبلغ عدد سكان الأرض اليوم حوالي ثمانية مليار نسمة. وفقًا لمنشور أوبك السنوي المعروف بآفاق النفط العالمية، من المتوقع أن يرتفع عدد سكان العالم إلى 9.5 مليار نسمة بحلول عام 2045م، وسيحدث معظم النمو السكاني في الدول النامية. كما سيتضاعف الاقتصاد العالمي خلال نفس الفترة، وسيحصل معظم هذا النمو في البلدان غير الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

سيتطلب هذا النمو السكاني والاقتصادي توفير طاقة إضافية تقدر بحوالي 23 في المئة عما نستهلكه اليوم، وهذا يعني أنه يجب علينا استخدام كل مصادر الطاقة.

وفقًا لتوقعاتنا، سيستمر النفط في الاستحواذ على 29 في المئة من مزيج الطاقة العالمي بحلول عام 2045م، أي أقل بقليل مما هو عليه اليوم وستشهد الطاقات المتجددة أكبر زيادة من حيث النسبة المئوية، مع زيادة حصة طاقة الرياح والطاقة الشمسية على وجه الخصوص من أقل من ثلاثة في المئة حاليًا إلى ما يقرب من 11 في المئة بحلول عام 2045م.

السوق: وماذا عن الغاز؟

الغيص: من المتوقع أن ترتفع حصة الغاز من 23 في المئة اليوم إلى حوالي 24 في المئة بحلول عام 2045م. الفحم هو الوقود الوحيد الذي من المتوقع أن ينخفض استهلاكه. وأود هنا أن أكد أن من خلال اطلاعي على الدراسات المستقبلية المبنية على بيانات موثوقة، فأن جميع هذه الدراسات تأكد على أنه لا يمكن الاستغناء عن النفط في المستقبل القريب.

السوق: هناك مطالب من المجال السياسي للإدارة المستدامة للشركات وأيضًا بعض المتطلبات التنظيمية المعمول بها بالفعل في مجالات البيئة والمجتمع وإدارة الشركات (الحوكمة). كما يتم استخدامها بشكل متزايد لتقييم الاستثمارات، لذا فهي مهمة للإقراض.

الغيص: هذه مسألة مهمة للغاية بالنظر إلى ما هو على المحك. اسمحوا لي أن أبدأ بالقول إنه بالنسبة لصناعة النفط وحدها، نرى الحاجة إلى استثمارات بقيمة 12.1 تريليون دولار أو أكثر من 500 مليار دولار سنويًا من الأن حتى عام 2045م. أن مستويات الاستثمار في الصناعة النفطية خلال السنوات الأخيرة كانت أقل من هذا المستوى بشكل كبير بسبب الانكماش في الصناعة وجائحة كورونا والتركيز المتزايد على القضايا البيئية والاجتماعية والحوكمة.

نحن ندعو جميع صناع القرار وأصحاب المصلحة في الصناعة إلى العمل معًا لضمان بيئة جاذبة للاستثمار طويل الأجل يتوفر فيه التمويل الكافي. بيئة مناسبة للمنتجين والمستهلكين وكذلك للدول المتقدمة والنامية.

لقد سمعنا الدعوات موجهة إلى الدول المنتجة للنفط للعب دور رئيسي في ضمان إمدادات طاقة عالمية مستقرة ومستدامة. لكن في الوقت نفسه، سمعنا أيضًا دعوات من الدول الصناعية لوقف تمويل المشاريع النفطية.

والسؤال هنا: لماذا تستثمر الدول النفطية إذا لم يكن هناك ضمان للطلب، خاصة أن من الممكن أن يستغرق الحصول على عائد الاستثمارات عقد أو أكثر؟ نحن بحاجة إلى الواقعية في مجال الطاقة، فالنفط سيظل موجودًا لعقود عديدة قادمة. نحن بحاجة إلى إشارات واضحة وشفافة لتشجيع الاستثمار في هذا المجال.

اسمحوا لي أن أتوسع في هذا الأمر قليلًا. لقد طلبت مؤخرًا من قسم الأبحاث لدينا تحديد ما سيحدث إذا توقفنا عن الاستثمار في النفط على الفور. ماذا سيكون الفرق بين الإنتاج الحالي والطلب المتزايد؟ تشير أبحاثنا إلى أنه إذا توقف الاستثمار اليوم في أنشطة الاستكشاف والحفر والإنتاج – كما يطالب البعض – فسيظهر نقص هائل يبلغ 16 مليون برميل يوميًا بين العرض والطلب في غضون الخمس سنوات القادمة (ويمكن اعتبار هذه التقديرات متحفظة).

السوق: لكن المطالبة بخفض انبعاثات الكربون ليست بلا مبرر.

الغيص: لا، على العكس تمامًا. نحن بحاجة إلى خفض انبعاثات الكربون من قطاعنا أكثر من أي وقت مضى. يجب أن نخفض الانبعاثات. وفي هذا الصدد، أود أن أشير إلى أن جميع الدول الأعضاء في منظمة أوبك قامت بالتوقيع على اتفاقية باريس للمناخ وتلعب العديد من الدول الأعضاء في أوبك أدوارًا ريادية فيما يخص خفض انبعاثات الكربون وتركيب وتطوير الطاقة المتجددة. كما نرى أن للتكنولوجيا دورًا هامًا في هذا المجال مثل تقنية التقاط الكربون واستخدامه وتخزينه والهيدروجين وغيرها، وكذلك في تدابير كفاءة الطاقة وتعزيز الاقتصاد الدائري للكربون.

وفي هذه الشأن، أود أن أؤكد – لأهمية المسألة – بأنني لا أتحدث عن انتقال الطاقة، ولكن عن انتقالات الطاقة، حيث يجب أن تكون بصيغة الجمع. من الضروري أن نوضح أن بناء مستقبل يتميز بانخفاض مستويات الكربون له مسارات عديدة – ليس هناك مسار واحد يلائم الجميع، بغض النظر أن كان المعني دولة ما أو أي صناعة. أود أن أكد مجددًا بأنه لا يوجد طريق واحد يتناسب مع الجميع. قد يكون هناك مسار لانتقال الطاقة مناسب لجمهورية ألمانيا الاتحادية ومسار آخر لنفس الغرض يلائم دولة الكويت على سبيل المثال.

نحن بحاجة إلى التركيز على نهج شامل يناسب جميع الشعوب ويركز على استخدام جميع أنواع الطاقة ويشجع جميع أنواع التكنولوجيا. أن قطاعي النفط والغاز هما جزء من عملية إيجاد حلول عملية وواقعية.

السوق: في شهري نوفمبر وديسمبر 2023م، ستُعقد في دبي الدورة الثامنة والعشرون لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية، بشأن تغير المناخ COP28. تعتقد بعض المنظمات البيئية أن د. سلطان الجابر غير مناسب كرئيس للدورة الثامنة والعشرين للمؤتمر لأنه أيضًا رئيس شركة النفط الإماراتية المملوكة للدولة أدنوك، وبالتالي فهو مسؤول أيضًا عن الاستثمارات في النفط والغاز. فما رأيك؟

الغيص: لا يوجد أحدًا مؤهلًا أكثر من معالي د. سلطان الجابر لتولي رئاسة مؤتمر COP 28 ولهذا السبب بالتحديد: هو الرئيس التنفيذي لشركة نفط وفي نفس الوقت هو رئيس لشركة «مصدر». مصدر هي شركة رائدة فيما يتعلق بالطاقة المتجددة والتنمية المستدامة وانتقال الطاقة على مستوى العالم. تعمل «مصدر» الآن في أكثر من 40 دولة ولها تواجد في ست قارات، حيث توفر «مصدر» المهارة الفنية والابتكار والخبرة للمساعدة في حل بعض أصعب التحديات المتعلقة بالطاقة المتجددة والاستدامة.

في رأيي أنه من غير العدل توجيه هذا الانتقاد إلى معالي د. الجابر، فلديه أفكار واضحة للغاية قدمها مؤخرًا في مؤتمر أوبك الدولي وإلى دول مجموعة العشرين في الهند.

هو لديه رؤية واضحة عما يمكن أن تبدو عليه انتقالات الطاقة العادلة والمنصفة والشاملة، فهذا الانتقالات هي التي تهدف إلى تقديم طاقة إلى الجميع. كما يعمل معالي د. الجابر على دعوة جميع الأطراف إلى طاولة الحوار والمفاوضات.

نحن في منظمة أوبك فخورون جدًا بأن دولة الإمارات العربية المتحدة ستستضيف مؤتمر المناخ COP 28 في وقت لاحق من هذا العام، ونتمنى لها كل التوفيق والنجاح.

مستوى عجز إمدادات النفط في غضون 5 سنوات في حالة توقف الاستثمارات اليوم: 16مليون برميل يوميًا – by: OPEC

السوق: ماذا تعني كلمة «شامل» في هذا السياق؟

الغيص: نحن نتحدث الأن عن انتقال الطاقة وأنت في ألمانيا وأنا في العاصمة النمساوية فيينا. نحن نتحدث عبر تقنية الاجتماعات الافتراضية حيث الكهرباء متوفرة بدون انقطاع والإضاءة الجيدة، وما إلى ذلك. ولكن ماذا عن حال الأكثر من 700 مليون شخص حول العالم الذين لا يزالون لا يحصلون على الكهرباء والمليارين ونصف شخص الذين لا يستطيعون الحصول على وقود نظيف للطهي؟ ماذا نقول لهؤلاء الناس وحكوماتهم؟ هل نحثهم على ترك مواردهم من النفط والغاز تحت الأرض، وأن يستمروا في تدبير أمورهم دون الوصول إلى خدمات الطاقة الحديثة؟

ففي المستقبل يجب أن نتبع منهج الشمولية بحيث لا يتعلق الأمر بالاختيار بين نوع من أنواع الطاقة وترك نوع أخر ولكنه يتعلق بشكل أكبر بالاستفادة من جميع أنواع الطاقة، حيث نحن ما نزال في حاجة إلى النفط والغاز وبعض الفحم، بالإضافة الى الطاقة المتجددة مثل المائية والنووية والهيدروجين والرياح والشمس. على منهج مستقبل الطاقة أن يكون شمولي للجميع وليس للبعض.

السوق: نحن في أوروبا نعتمد بشكل متزايد على الإمدادات الموثوقة من النفط والغاز من الدول العربية بعد إنهاء العلاقات المتعلقة بأمور الطاقة مع روسيا بشكل مفاجئ. في الوقت نفسه، نرى أن الدول الغنية بالنفط في العالم العربي تتجه بشكل متزايد نحو آسيا. هل علينا كأوروبيين أن نشعر بالقلق؟

الغيص: في الأشهر الثمانية عشر الماضية، تغيرت تدفقات النفط الخام والمنتجات العالمية كثيرًا وبشكلٍ واضح. ونظرًا لكون سوق النفط هو سوق عالمي، يمكن لجميع المنتجين والمستهلكين التكيف مع أنماط التجارة الجديدة، ولذا شهدنا المزيد من تدفقات النفط والغاز من الشرق الأوسط إلى ألمانيا وأوروبا.

نحن نعتقد بأن العلاقات المتعلقة بشؤون الطاقة بين الشرق الأوسط وأوروبا ستظل مهمة في المستقبل كما كانت في الماضي. فهي الآن أكثر بكثير من مجرد علاقة منتج مع مستهلك، حيث يوجد هناك العديد من المشاريع والاستثمارات المشتركة بين الشرق الأوسط وفي أوروبا.

كما أود أن أضيف أن أوبك لديها علاقة وثيقة مع الاتحاد الأوروبي، حيث تأسس في عام 2005 حوار منتظم بين منظمة أوبك والاتحاد أوروبي كشركاء. لقد تحدثت شخصياً في العديد من المناسبات مع مفوضة الاتحاد الأوروبي للطاقة السيدة كادري سيمسون وسعدنا بحضورها لمؤتمر أوبك الدولي في أوائل يوليو الماضي لمناقشة القضايا المتعلقة بالطاقة.

أن التعاون مع جميع الأطراف هو شعار رئيسي للمنظمة.

السوق: معالي الأمين العام، أشكرك على هذه المقابلة المهمة والثرية بالمعلومات.

هذه المقابلة كانت مع معالي السيد هيثم الغيص، أمين عام منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك).

أجرى المقابلة يورجن هوغريفه.