من أجل تحقيق أهداف ألمانيا المناخية بالوصول الى صفر انبعاثات في العام 2045م، تعمل الحكومة الاتحادية على مضاعفة التوسع في توليد الطاقة عبر الطاقة الشمسية ثلاث مرات إلى 22 جيجاوات سنويا بحلول عام 2026م. ومن المفترض ان يتم بناء نصف أنظمة الطاقة الشمسية على أسطح المنازل والمباني بينما سيتم بناء النصف الآخر على مساحات مفتوحة والتي سيكون جزء كبير منها أراضٍ زراعية. ووفقًا لحسابات معهد Thünen التابع لوزارة الغذاء والزراعة الاتحادية (BMEL)، ستبلغ هذه المساحة حوالي 1.7 في المئة من المساحة المستخدمة حاليًا للزراعة، أي 280 ألف هكتار، وهي مساحة أكبر قليلاً من ولاية سارلاند. ويمكن ان تزيد مساحة هذه الأراضي الزراعية الى أربعة في المئة اعتمادًا على كفاءة الألواح الشمسية المركبة.

     القرار بشأن تحديد المناطق التي يمكن بناء محطات الطاقة الشمسية عليها يقع على عاتق البلديات. وعلى الرغم من استفادة هذه البلديات من محطات توليد الطاقة الشمسية عبر تحصيل المزيد من الضرائب الا ان التوسع في بناء هذه المحطات على الأراضي الزراعية يواجه في كثير من الاحيان معارضة من السكان المحليين، أولا بسبب زيادة الضغط التنافسي على الأراضي الزراعية مما يؤدي إلى ارتفاع أسعارها وثانيا بسبب الخشية من تراجع مساحة الحقول الخصبة بسبب انتشار وحدات الطاقة الشمسية، بالإضافة الى قلق هؤلاء السكان من عدم استفادتهم او حصولهم على أي من العائدات بشكل مباشر من انتشار محطات الطاقة الشمسية. ولهذا السبب انتشرت في كثير من المناطق النزاعات حول بناء هذه المحطات واستطاع السكان المحليون في بعض المناطق من اصدار قرار بحظر مؤقت لبناء بعضها.

     ومع محاولات السياسيين المحليين اقناع السكان بالفوائد الاقتصادية التي ستعود على مجتمعاتهم بسبب الإيرادات المالية المتوقعة لخزائن البلديات وأيضا تقديم وعود بخفض أسعار الكهرباء الا ان كسب تأييدهم ما يزال امرًا غير سهل. وهو ما يعني ان الحصول على الموافقة على بناء محطات الطاقة الشمسية يستهلك جهودا كبيرة ويستغرق وقت طويلا.  وهو ما دعا البعض الى طلب تدخل الحكومة الاتحادية الا ان وزير الاقتصاد وحماية البيئة الاتحادي Robert Habeck، اعتبر ” أن استبعاد اصدار التصريحات ببناء محطات الطاقة الشمسية من البلديات الآن، كما حدث مع طاقة الرياح، أمر مبكر جدًا أو غير صحيح على الإطلاق عندما يتعلق الأمر بالخلايا الكهروضوئية”.

     وبالإضافة الى النزاعات حول تصاريح انشاء محطات الطاقة الشمسية تواجه شركات الطاقة الشمسية في أوروبا بشكل عام والشركات الألمانية بشكل خاص نقصًا في العمال المهرة. ويشكل هذا مشكلة بالنسبة لتنفيذ استراتيجية تحول الطاقة في السنوات المقبلة، حيث أظهر تقرير صادر عن وكالة الطاقة الشمسية الأوروبية (SPE)، ان شركات صناعة الطاقة الشمسية الأوروبية ستحتاج إلى مئات الآلاف من العمال المهرة الإضافيين في السنوات القليلة المقبلة، ويأتي في المقام الأول المتخصصين في التجميع فضلاً عن مهندسي التخطيط والمهندسين الكهربائيين.  وبحسب التقرير فقد خلقت شركات الطاقة الشمسية داخل الاتحاد الأوروبي حتى العام الماضي 2022م، ما يقدر بنحو 648 ألف وظيفة بدوام كامل، وإذا استمر التوسع في الطاقة الشمسية على نفس الوتيرة فستكون هناك حاجة إلى 1.2 مليون وظيفة بدوام كامل بحلول العام 2027م. وتشعر الصناعة بالقلق من أن نقص العمالة يمكن أن يصبح مشكلة للنمو المأمول في الطاقة الشمسية، حيث تقول Sanda Bozic، مديرة الموارد البشرية في شركة Baywa، وهي شركة تطوير مشاريع كبيرة لأنظمة الطاقة الشمسية ولها فروع في 31 دولة ومقرها في ميونيخ “إن وجود عدد قليل جدًا من الموظفين في مجال الطاقة المتجددة يعني أنه لا يمكن تنفيذ ما يكفي من المشاريع”.

     وفيما يتعلق بعدد الوظائف الموجودة حاليا في دول الاتحاد الأوروبي في مجال الطاقة الشمسية ووفقا لتقرير وكالة SPE، تأتي بولندا في المقدمة مع ما يقرب من 147ألف وظيفة بدوام كامل، تليها إسبانيا مع 103ألف وظيفة، اما في ألمانيا فهناك ما يقرب من 96 ألف وظيفة، ولكن وفقا للوكالة فإن هذا سوف يتغير قريبا، حيث يُتوقع أن يكون هناك أكثر من 210 ألف وظيفة بدوام كامل في ألمانيا بحلول عام 2027م، وهو ما سيمثل ضعف عدد الوظائف الموجودة في الوقت الحاضر، وهو الامر الذي من شأنه أن يضع ألمانيا في المركز الأول في عدد الوظائف في قطاع الطاقة الشمسية، متقدمة على إسبانيا وبولندا.

     وتقول Bozic، “إن أهداف التوسع الطموحة في جميع الدول الأوروبية تقريبًا تعني أن الطلب على العاملين في مجال الطاقات المتجددة، وفي قطاع الطاقة الشمسية على وجه الخصوص، يتزايد بشكل أسرع من أي قطاع آخر”. ومن هنا تنشأ المنافسة بين قطاع صناعة الطاقة الشمسية مع القطاعات التقنية الأخرى مثل صناعة السيارات وحتى شركات تكنولوجيا المعلومات الكبرى على جذب المتخصصين والعمال المهرة. ولذلك تدعو كل من وكالة الطاقة الشمسية الأوروبية وشركات القطاع حكومات دول الاتحاد لدعم الدراسة والتدريب في المهن التقنية وجعلها أكثر جاذبية للأجيال الجديدة.