تحسن مناخ الاعمال للاقتصاد الألماني في شهر أكتوبر (ifo) الى مستوى 86.9 نقطة في حين كان عند مستوى 85.8 نقطة في شهر سبتمبر الماضي. ويرجع هذا التحسن لكون الشركات أصبحت أكثر رضا نوعا ما عن مستوى أعمالها الحالية مقارنة بالشهر الماضي بالإضافة إلى ان توقعات مديري الشركات بشأن مستوى الاعمال خلال الأشهر القادمة كانت أقل سلبية من السابق، وهو ما انعكس في شكل تفاؤل بتجاوز الاقتصاد الألماني الصعوبات الحالية في المستقبل القريب.

     في قطاع الصناعة ارتفع مؤشر مناخ الأعمال بشكل طفيف في شهر أكتوبر حيث سجل المؤشر مستوى (-15.9 نقطة) مرتفعا عن مستوى (-16.5 نقطة) المسجل في الشهر السابق. ويعود هذا الارتفاع النسبي الى تحسن توقعات الشركات عن مستوى الاعمال في الأشهر القادمة بالرغم من تقييم هذه الشركات لمستوى اعمالها الحالي على انه اسوء مما كان عليه في شهر سبتمبر الماضي.

     كما أصبح مناخ الأعمال في قطاع الخدمات أكثر إيجابية بشكل ملحوظ حيث ارتفع المؤشر في أكتوبر الى مستوى (-1.5 نقطة) بعد ان سجل في شهر سبتمبر الماضي مستوى (-4.9 نقطة). وكانت الشركات العاملة في القطاع أكثر رضا بشكل خاص عن مستوى أعمالها الحالية بالإضافة الى تحسن توقعاتها لمستوى الاعمال خلال الفترة القادمة رغم استمرار الشكوك حول تطورات الاقتصاد.

     هذا وقد انخفض مؤشر مناخ الاعمال في قطاع التجارة مسجلا مستوى (-27.2 نقطة) في شهر أكتوبر بعد ان كان عند مستوى (-25 نقطة) في الشهر الماضي. ويرجع هذا الانخفاض الى تراجع تقييم شركات القطاع، وعلى وجه الخصوص الشركات العاملة في تجارة الجملة، لمستوى اعمالها الحالي كما أنها كانت أكثر تشاؤماً بشأن مستوى اعمالها في الأشهر المقبلة.

     وسجل مؤشر مناخ الاعمال في قطاع البناء ارتفاعا طفيفا في أكتوبر حيث سجل مستوى ( -31.1 نقطة) مرتفعا بشكل بسيط عن مستوى سبتمبر الماضي الذي سجل مستوى (-31.2 نقطة)، حيث قامت الشركات بتقييم وضع اعمالها الحالي على أنه أسوأ قليلاً، الا ان توقعاتها للأشهر المقبلة كانت أفضل قليلاً، وان ظلت بشكل عام سلبية.

     من جانب اخر، خفضت الحكومة الاتحادية من توقعاتها لنمو الاقتصاد في العام الحالي، فبدلا من التوقعات السابقة بحدوث نمو طفيف في العام 2023م، تتوقع الحكومة الاتحادية الآن ان ينكمش الاقتصاد بنحو 0.4 في المئة في العام الحالي على ان يعود الى النمو في العام 2024م، بنسبة 1.3 في المئة وفي العام 2025م، بنسبة 1.5 في المئة. وأشار وزير الاقتصاد الاتحادي Robert Habeck الى ان الصراعات الدولية وضعف الاقتصاد العالمي والزيادات الضرورية في أسعار الفائدة من قبل البنك المركزي الأوروبي لمكافحة التضخم المرتفع والزيادة الكبيرة في أسعار الطاقة تسببت في خروج ألمانيا من الأزمات المتعاقبة بشكل أبطأ مما كان متوقعًا، مشيرًا الى ان ارتفاع الاستهلاك الخاص الناتج بشكل رئيسي من ارتفاع الأجور وقوة سوق العمل سوف تساهم في عودة الاقتصاد الى النمو خلال العامين القادمين 2024م و2025م. وقال Habeck إنه يتعين على ألمانيا الآن معالجة المشاكل الهيكلية التي يعاني منها الاقتصاد وعلى رأسها تقليص البيروقراطية واجتذاب المزيد من العمال المهرة من الخارج وإزالة العقبات التي تعترض الاستثمار.

     ويعاني قطاع التصدير الألماني والذي يمثل 40 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، بشكل خاص من تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي وتراجع الطلب على السلع والبضائع، وفي هذا الصدد أظهر تقرير صادر عن مكتب الإحصاء الاتحادي (Destatis)، ان الصادرات الألمانية قد انخفضت في شهر أغسطس 2023م، بنسبة 1.2 في المئة مقارنة بالشهر الذي سبق كما تراجعت الواردات بنسبة 0.4 في المئة، فيما بلغت نسبة تراجع الصادرات مقارنة بشهر أغسطس 2022م، نحو 5.8 في المئة ونسبة تراجع الواردات 16.8 في المئة. وبشكل عام صدرت ألمانيا في شهر أغسطس 2023م، سلعا وبضائع وخدمات بما قيمته 127.9 مليار يورو واستوردت سلعًا بقيمة 111.4 مليار يورو، وأغلق ميزان التجارة الخارجية في أغسطس 2023م، بفائض قدره 16.6 مليار يورو.

     وذهب الجزء الأكبر من صادرات ألمانيا في أغسطس 2023م، الى دول الاتحاد الأوروبي بقيمة 69.6 مليار يورو، وتم استيراد سلع بقيمة 60 مليار يورو من هناك. وبالمقارنة مع يوليو 2023م، انخفضت الصادرات إلى دول الاتحاد الأوروبي بنسبة 1.5في المئة بينما زادت الواردات من هذه الدول بنسبة 1.9 في المئة.  كما تم تصدير سلع بقيمة 58.3 مليار يورو إلى دول خارج الاتحاد الأوروبي (دول ثالثة) وتم استيراد سلع بقيمة 51.3 مليار يورو من هذه الدول. وبالمقارنة مع يوليو 2023م، انخفضت الصادرات إلى هذه الدول بنسبة 0.9 في المئة والواردات من هناك بنسبة 3 في المئة. وفي هذا الجانب جاءت الولايات المتحدة كأكبر مشتر للسلع والبضائع الألمانية في شهر أغسطس 2023م، بقيمة 13.3 مليار يورو وهو ما يمثل أقل بنسبة 1.3 في المئة من مستوى الصادرات في شهر يوليو 2023م. وارتفعت الصادرات إلى الصين بنسبة 1.2في المئة لتصل إلى 8.4 مليار يورو، فيما انخفضت الصادرات إلى المملكة المتحدة بنسبة 4.2 في المئة لتبلغ قيمة 6 مليار يورو. وجاءت الصين كأكبر مورد للسلع والبضائع الى ألمانيا في أغسطس 2023م، حيث بلغت الواردات منها قيمة 13 مليار يورو وهو ما يقل بنسبة 2 في المئة عن الشهر السابق. وانخفضت الواردات من الولايات المتحدة بنسبة 3.1 في المئة إلى 7.6 مليار يورو. كما انخفضت الواردات من المملكة المتحدة بنسبة 0.9 في المئة إلى 3 مليار يورو في نفس الفترة.

     في سياق متصل، وبحسب مكتب الإحصاء الاتحادي تراجع التضخم في ألمانيا بشكل ملحوظ في شهر سبتمبر 2023م، حيث سجل مستوى 4.5 في المئة مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، وهذه هي أدنى قيمة لمعدل التضخم في ألمانيا منذ فبراير 2022م، تاريخ بدأ الحرب الروسية الأوكرانية. وكان معدل التضخم قد سجل في شهر أغسطس 2023م، مستوى 6.1 في المئة. وهو نفس المعدل المتوقع كمتوسط للتضخم لمجمل العام 2023م، فيما يتوقع ان يبلغ معدل التضخم في ألمانيا العام 2024م 2.6 في المئة ومعدل 2 في المئة العام 2025م. وهو المعدل المستهدف من قبل البنك المركزي الأوروبي. كذلك تراجع معدل التضخم في منطقة اليورو إذ أشار تقرير لمكتب الإحصاء الأوروبي ان التضخم تراجع الى مستوى 4.3 في المئة في شهر سبتمبر 2023م، مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، وهذه هي أدنى قيمة لمعدل التضخم في منطقة اليورو منذ أكتوبر 2021م.

     علاوة على ذلك، ووفقًا لتقرير صادر عن وزارة المالية الاتحادية، ارتفعت الإيرادات الضريبية للحكومة الاتحادية وحكومات الولايات بشكل ملحوظ في سبتمبر 2023م، حيث ارتفعت بنسبة 13.3 في المئة لتصل إلى 80.6 مليار يورو مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي. وجاءت هذه الزيادة بعد ان تم تسجيل زيادة أيضا في الإيرادات الضريبية للحكومة الاتحادية والولايات الفيدرالية في شهر أغسطس 2023م، بنسبة 9 في المئة مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي. وترجع هذه الزيادات بشكل أساسي الى الزيادات الكبيرة في الايرادات من ضريبة الأجور وضريبة الطاقة. وبشكل عام بلغت قيمة الإيرادات الضريبية للحكومة الاتحادية وحكومات الولايات في الأشهر التسعة الأولى من العام 2023م، نحو 608 مليار يورو بزيادة تبلغ 2.5 في المئة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. كما انه من المتوقع ان تسجل الإيرادات الضريبية لمجمل العام 2023م، زيادة بنسبة 3 في المئة تقريبًا مقارنة بالعام 2022م.

سوق العمل: انخفاض عدد العاطلين عن العمل وأقل معدل للبطالة في دول منطقة اليورو

     انخفض عد العاطلين عن العمل في المانيا في شهر سبتمبر بنحو 69 ألف شخص ليصل عددهم الى 2.627 مليون شخص وهو ما ادي أيضا الى تراجع معدل البطالة بمقدار 0.1 نقطة مئوية الى 5.7 في المئة. الا انه بالمقارنة مع نفس الشهر من العام الماضي فقد ارتفع عدد العاطلين عن العمل بنحو 141 ألف شخص كما ارتفع معدل البطالة في نفس الفترة بمقدار 0.3 نقطة مئوية ويعود ذلك بشكل رئيسي إلى المسجلين في قوائم البطالة من الاوكرانيين القادمين الى ألمانيا. وعلى الرغم من انخفاض البطالة في شهر سبتمبر الا انها أتت بمستوى أقل من المتوقع والمعتاد في هذه الفترة من العام.  وأشار تقرير وكالة العمل الاتحادية (BA) الى انه “على الرغم من الانتعاش الذي يشهده سوق العمل بداية الخريف عادة كان هذا العام أقل من المعتاد مقارنة بالسنوات السابقة الا ان سوق العمل في ألمانيا ما يزال مستقرًا”.

     فيما يتعلق ببرنامج العمل بدوام مختصر فقد بلغ عدد الموظفين الجدد الذين تم تسجيلهم في البرنامج خلال الفترة من 1 الى 25 سبتمبر 2023م، نحو 50 ألف شخص. وبحسب أحدث بيانات وكالة العمل الاتحادية فقد تم دفع تعويضات وفق برنامج العمل بدوام مختصر إلى 124 ألف موظف في شهر يوليو 2023م، بعد ان كان عدد المستفيدين من البرنامج 158 ألفًا في يونيو و156 ألفًا في مايو 2023م. اما بالنسبة لعدد الوظائف الشاغرة المسجلة لدي وكالة العمل الاتحادية فقد بلغت في سبتمبر 2023م، 761 ألف وهو ما يمثل أقل بمقدار 113 ألف وظيفة بالمقارنة مع نفس الشهر من العام الماضي. ومع هذا التراجع في عدد الوظائف الشاغرة الا ان الطلب على الوظائف ما يزال عند مستوى مرتفع نسبيًا.

     في نفس السياق، أعلن مكتب الإحصاء التابع للاتحاد الأوروبي في لوكسمبورج أن معدلات البطالة في بلدان منطقة اليورو أصبحت أقل من أي وقت مضى منذ طرح العملة الموحدة، مع وجود اختلافات كبيرة في معدلات البطالة بين دول المنطقة. فعلى الرغم من ضعف النمو الاقتصادي في العديد من البلدان، انخفضت معدلات البطالة في منطقة اليورو إلى مستويات غير مسبوقة، حيث انخفض معدل البطالة بمقدار 0.1 نقطة مئوية إلى 6.4 في المئة في أغسطس 2023م، مقارنة بالشهر السابق. وبذلك وصل معدل البطالة إلى أدنى مستوياته على الإطلاق منذ اعتماد عملة اليورو.

     ويقدر مكتب الإحصاء الاوروبي عدد العاطلين عن العمل في دول الاتحاد الأوروبي في شهر أغسطس 2023م، بنحو 12.8 مليون شخص، يعيش حوالي 10.9 مليون منهم في دول منطقة اليورو العشرين. وهذا أقل بحوالي 107.000 شخص مقارنة بالشهر السابق. وبالمقارنة مع نفس الشهر من العام الماضي انخفض عدد العاطلين بنحو 407 آلاف شخص.  وتعد البطالة بين الشباب الذين تقل أعمارهم عن 25 عاما أعلى بكثير من معدل البطالة الإجمالية حيث تبلغ 13.8 في المئة. كما يختلف وضع سوق العمل بشكل كبير بين دول منطقة اليورو، حيث توجد أعلى معدلات البطالة في إسبانيا بنسبة 11.5 في المئة واليونان بنسبة 10.9 في المئة. أما ألمانيا فلديها واحد من أدنى المعدلات بنسبة 3 في المئة، ويصل أدنى مستوى للبطالة في دول منطقة اليورو في مالطا (2.7 في المئة) وبولندا (2.8 في المئة).

     ومن الجدير بالذكر ان بيانات سوق العمل الصادرة عن مكتب الإحصاء الأوروبي (Eurostat) تعتمد على أرقام منظمة العمل الدولية (ILO). وبالتالي فإن المعدل الخاص بألمانيا أقل بكثير من المعدل الذي اعلنت عنه وكالة العمل الاتحادية (BA) والذي بلغ 5.7 في المئة في سبتمبر 2023م.

تراجع تنافسية الموانئ الألمانية

     وافقت ولاية هامبورج على بيع جزء من شركة ميناء هامبورج للخدمات اللوجستية (HHLA) والتي تعتبر اهم شركة نقل ودعم لوجستي تعمل في ميناء هامبورج وتدير ثلاث محطات من الأربع محطات مناولة الحاويات التي يمتلكها الى شركة البحر المتوسط للنقل البحري (MSC) السويسرية والتي تعد أكبر شركة نقل بحري في العالم. وستستحوذ الشركة السويسرية على نسبة 49.9 في المئة من أسهم شركة ميناء هامبورج فيما ستحتفظ حكومة الولاية بالنسبة المتبقية. وتأتي اتفاقية الشراكة هذه في إطار سعي حكومة الولاية الى ضخ مزيد من الاستثمارات لتطوير وتحديث البنية التحتية لميناء هامبورج ورفع قدرته التنافسية ليس فقط مع الموانئ الألمانية الأخرى ولكن مع اهم وأكبر الموانئ الأوروبية.

     ويعاني ميناء هامبورج من تراجع عدد الحاويات التي يتم مناولتها حيث انخفض عددها في النصف الأول من العام 2023م، بنسبة 11.7 في المئة ليصل إلى 3.8 مليون حاوية مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وتعد هامبورج الآن ثالث أكبر ميناء في أوروبا بعد ميناء روتردام في هولندا وميناء أنتويرب في بلجيكا، ففي العام الماضي، تم مناولة حوالي 14.5 مليون حاوية في ميناء روتردام، وتم مناولة حوالي 13.5 مليون حاوية في أنتويرب. أما في هامبورج، فلم يتجاوز عدد الحاويات التي تم مناولتها خلال العام 2022م، بأكمله 8.3 مليون حاوية. وفي حين زادت حركة الحاويات في مينائي أنتويرب وروتردام بأكثر من 40 في المئة بين عامي 2007م و2021م، شهدت حركة الحاويات في ميناء هامبورج في نفس الفترة انخفاضًا بنسبة 12 في المئة.

     يعود هذا التراجع في حجم الحاويات التي تعامل معها ميناء هامبورج مقارنة بالزيادة التي شهداها مينائي روتردام وأنتويرب الى عدة أسباب من أهمها المزايا الجغرافية لموانئ روتردام وأنتويرب، حيث يقع الميناء في روتردام على الساحل مباشرة وتقع محطات مناولة الحاويات مباشرة على المياه العميقة ويمكن لأكبر سفن الحاويات في العالم الوصول إليها دون قيود. في المقابل، يقع ميناء هامبورج على بعد 100 كيلومتر من المياه المفتوحة ويتعين على سفن الحاويات الضخمة التي يبلغ طولها 400 متر مع غاطس يزيد عن 13 مترًا، استخدام موجة المد والجزر للدخول الى الميناء عبر نهر Elbe. كما لا تستطيع بعض السفن دخول الميناء وهي محملة بالكامل. الى جانب ذلك تأتي تكلفة مناولة الحاويات في ميناء هامبورج العالية مقارنة بالموانئ الأخرى حيث ان كلفة التعامل مع حاوية في ميناء روتردام أقل بنسبة تصل إلى 30 في المئة عنها في هامبورج. وترجع هذه التكاليف المرتفعة في ميناء هامبورج إلى عدم أتمتة العمليات في الميناء بنفس الدرجة التي عليها العمليات والتشغيل في الموانئ الأوروبية الكبرى الأخرى.

     وقد انعكس تأخر ميناء هامبورج في جانب أتمتة التشغيل في انخفاض كفاءة الاداء، ففي مؤشر أداء الموانئ الخاصة بالحاويات (CPPI) والذي نشره البنك الدولي بالتعاون مع مؤسسة ستاندرد آند بورز لمعلومات السوق العالمية (S&P Global Market Intelligence)، تراجع ميناء هامبورج بنحو 100 مركز في غضون عام واحد، فمن بين 348 ميناء تم فحصها في جميع أنحاء العالم، جاء في المرتبة 328 فقط في تصنيف عام 2022م. أما الميناءان البحريان الألمانيان الكبيران الآخران فقد حققا أداء أفضل بكثير من حيث فعالية الأداء والتشغيل، حيث جاء ميناء Bremerhaven في المرتبة 60، وميناء Wilhelmshaven في المرتبة 118. لكن هذين الميناءين يعانيان أيضا من تراجع حجم التعامل مع الحاويات، حيث انخفضت عمليات الشحن في Bremerhaven بنسبة 25 في المئة تقريبًا بين عامي 2012م و2022م، إلى 4.6 مليون حاوية سنويًا. وفي Wilhelmshaven انخفض العدد مؤخراً أيضاً إلى ما يزيد قليلاً عن 685,000 حاوية في العام الماضي.

     من المقرر الآن أن يتلقى ميناء هامبورج دفعة قوية بعد مساهمة شركة MSC السويسرية في شركة ميناء هامبورج (HHLA) حيث تعهدت أكبر شركة شحن في العالم بزيادة حجم حمولتها في هامبورج بشكل كبير إلى ما لا يقل عن مليون حاوية سنويًا اعتبارًا من عام 2031م. كما دعا العديد من الخبراء والمختصين في مجال النقل البحري الى تحالف الموانئ الألمانية بدلا من حالة التنافس القائمة فيما بينها حاليًا وأن تعمل الموانئ البحرية الألمانية في هامبورج و Bremerhaven و Wilhelmshaven معًا بشكل أوثق من أجل تحسين وضعها التنافسي مقارنة بموانئ روتردام وأنتويرب.

بالإضافة الى ذلك انتقدت أطراف في قطاع النقل البحري الحكومة الاتحادية بسبب الدعم الضئيل الذي تقدمة للموانئ الألمانية والذي لا يتجاوز 38 مليون يورو سنويًا ولم تتم زيادة هذا التمويل منذ ما يقرب من 20 عاما، مشددين على ضرورة ان تقدم الحكومة دعما للموانئ البحرية بـ”ما لا يقل عن 500 مليون يورو سنويا”.

التحديات التي تواجه التوسع في الطاقة الشمسية في ألمانيا

     من أجل تحقيق أهداف ألمانيا المناخية بالوصول الى صفر انبعاثات في العام 2045م، تعمل الحكومة الاتحادية على مضاعفة التوسع في توليد الطاقة عبر الطاقة الشمسية ثلاث مرات إلى 22 جيجاوات سنويا بحلول عام 2026م. ومن المفترض ان يتم بناء نصف أنظمة الطاقة الشمسية على أسطح المنازل والمباني بينما سيتم بناء النصف الآخر على مساحات مفتوحة والتي سيكون جزء كبير منها أراضٍ زراعية. ووفقًا لحسابات معهد Thünen التابع لوزارة الغذاء والزراعة الاتحادية (BMEL)، ستبلغ هذه المساحة حوالي 1.7 في المئة من المساحة المستخدمة حاليًا للزراعة، أي 280 ألف هكتار، وهي مساحة أكبر قليلاً من ولاية سارلاند. ويمكن ان تزيد مساحة هذه الأراضي الزراعية الى أربعة في المئة اعتمادًا على كفاءة الألواح الشمسية المركبة.

     القرار بشأن تحديد المناطق التي يمكن بناء محطات الطاقة الشمسية عليها يقع على عاتق البلديات. وعلى الرغم من استفادة هذه البلديات من محطات توليد الطاقة الشمسية عبر تحصيل المزيد من الضرائب الا ان التوسع في بناء هذه المحطات على الأراضي الزراعية يواجه في كثير من الاحيان معارضة من السكان المحليين، أولا بسبب زيادة الضغط التنافسي على الأراضي الزراعية مما يؤدي إلى ارتفاع أسعارها وثانيا بسبب الخشية من تراجع مساحة الحقول الخصبة بسبب انتشار وحدات الطاقة الشمسية، بالإضافة الى قلق هؤلاء السكان من عدم استفادتهم او حصولهم على أي من العائدات بشكل مباشر من انتشار محطات الطاقة الشمسية. ولهذا السبب انتشرت في كثير من المناطق النزاعات حول بناء هذه المحطات واستطاع السكان المحليون في بعض المناطق من اصدار قرار بحظر مؤقت لبناء بعضها.

     ومع محاولات السياسيين المحليين اقناع السكان بالفوائد الاقتصادية التي ستعود على مجتمعاتهم بسبب الإيرادات المالية المتوقعة لخزائن البلديات وأيضا تقديم وعود بخفض أسعار الكهرباء الا ان كسب تأييدهم ما يزال امرًا غير سهل. وهو ما يعني ان الحصول على الموافقة على بناء محطات الطاقة الشمسية يستهلك جهودا كبيرة ويستغرق وقت طويلا.  وهو ما دعا البعض الى طلب تدخل الحكومة الاتحادية الا ان وزير الاقتصاد وحماية البيئة الاتحادي Robert Habeck، اعتبر ” أن استبعاد اصدار التصريحات ببناء محطات الطاقة الشمسية من البلديات الآن، كما حدث مع طاقة الرياح، أمر مبكر جدًا أو غير صحيح على الإطلاق عندما يتعلق الأمر بالخلايا الكهروضوئية”.

     وبالإضافة الى النزاعات حول تصاريح انشاء محطات الطاقة الشمسية تواجه شركات الطاقة الشمسية في أوروبا بشكل عام والشركات الألمانية بشكل خاص نقصًا في العمال المهرة. ويشكل هذا مشكلة بالنسبة لتنفيذ استراتيجية تحول الطاقة في السنوات المقبلة، حيث أظهر تقرير صادر عن وكالة الطاقة الشمسية الأوروبية (SPE)، ان شركات صناعة الطاقة الشمسية الأوروبية ستحتاج إلى مئات الآلاف من العمال المهرة الإضافيين في السنوات القليلة المقبلة، ويأتي في المقام الأول المتخصصين في التجميع فضلاً عن مهندسي التخطيط والمهندسين الكهربائيين.  وبحسب التقرير فقد خلقت شركات الطاقة الشمسية داخل الاتحاد الأوروبي حتى العام الماضي 2022م، ما يقدر بنحو 648 ألف وظيفة بدوام كامل، وإذا استمر التوسع في الطاقة الشمسية على نفس الوتيرة فستكون هناك حاجة إلى 1.2 مليون وظيفة بدوام كامل بحلول العام 2027م. وتشعر الصناعة بالقلق من أن نقص العمالة يمكن أن يصبح مشكلة للنمو المأمول في الطاقة الشمسية، حيث تقول Sanda Bozic، مديرة الموارد البشرية في شركة Baywa، وهي شركة تطوير مشاريع كبيرة لأنظمة الطاقة الشمسية ولها فروع في 31 دولة ومقرها في ميونيخ “إن وجود عدد قليل جدًا من الموظفين في مجال الطاقة المتجددة يعني أنه لا يمكن تنفيذ ما يكفي من المشاريع”.

     وفيما يتعلق بعدد الوظائف الموجودة حاليا في دول الاتحاد الأوروبي في مجال الطاقة الشمسية ووفقا لتقرير وكالة SPE، تأتي بولندا في المقدمة مع ما يقرب من 147ألف وظيفة بدوام كامل، تليها إسبانيا مع 103ألف وظيفة، اما في ألمانيا فهناك ما يقرب من 96 ألف وظيفة، ولكن وفقا للوكالة فإن هذا سوف يتغير قريبا، حيث يُتوقع أن يكون هناك أكثر من 210 ألف وظيفة بدوام كامل في ألمانيا بحلول عام 2027م، وهو ما سيمثل ضعف عدد الوظائف الموجودة في الوقت الحاضر، وهو الامر الذي من شأنه أن يضع ألمانيا في المركز الأول في عدد الوظائف في قطاع الطاقة الشمسية، متقدمة على إسبانيا وبولندا.

     وتقول Bozic، “إن أهداف التوسع الطموحة في جميع الدول الأوروبية تقريبًا تعني أن الطلب على العاملين في مجال الطاقات المتجددة، وفي قطاع الطاقة الشمسية على وجه الخصوص، يتزايد بشكل أسرع من أي قطاع آخر”. ومن هنا تنشأ المنافسة بين قطاع صناعة الطاقة الشمسية مع القطاعات التقنية الأخرى مثل صناعة السيارات وحتى شركات تكنولوجيا المعلومات الكبرى على جذب المتخصصين والعمال المهرة. ولذلك تدعو كل من وكالة الطاقة الشمسية الأوروبية وشركات القطاع حكومات دول الاتحاد لدعم الدراسة والتدريب في المهن التقنية وجعلها أكثر جاذبية للأجيال الجديدة.

37 مليار يورو كلفة خدمة ديون الحكومة الاتحادية العام 2024م

     صرح وزير المالية في الحكومة الاتحادية Christian Lindner ان كلفة خدمة ديون الحكومة الاتحادية في ميزانية العام القادم 2024م، ستبلغ نحو 37 مليار يورو وهو ما يمثل عشرة اضعاف كلفتها قبل عامين، حيث بلغت في العام 2021م، حوالي أربع مليارات يورو فقط. وأجرى معهد الاقتصاد الألماني (IW) دراسة حول الأسباب الرئيسية التي أدت الى هذا الارتفاع السريع والكبير في خدمة الديون الحكومية والتي خلصت الى “إن الزيادة الهائلة هي مؤشر على أن كلاً من الحكومة الائتلافية بين الحزب الديمقراطي المسيحي والحزب الاشتراكي برئاسة المستشارة السابقة انجيلا ميركل والحكومة الائتلافية الحالية التي تضم الى جانب الحزب الاشتراكي حزب الخضر والحزب الليبرالي الحر برئاسة المستشار اولاف شولتز قد فشلا في تأمين أسعار فائدة منخفضة على المدى الطويل لصالح دافعي الضرائب”. حيث ارتفعت نسبة كلفة خدمة الدين للحكومة الاتحادية من نسبة 1.3 في المئة من الإيرادات الضريبية للحكومة الاتحادية في العام 2021م، الى نسبة 11.1 في المئة في العام 2023م.

     كما اعادت دراسة معهد (IW) ارتفاع كلفة خدمة الديون الى سببين أساسيين يتمثل السبب الأول في ارتفع مستوى الدين بسبب العجز القياسي لميزانية الحكومة الاتحادية وبرامج المساعدات التي اقرتها الحكومة خلال جائحة كورونا، حيث ارتفعت ديون الحكومة الاتحادية في الفترة من 2019م إلى 2022م بنسبة 35 في المئة إلى 1.78 تريليون يورو. والمزيد من الديون يعني المزيد من تكاليف الفائدة، وخاصة منذ رفع البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة لمواجهة معدلات التضخم العالي في منطقة اليورو.

     اما السبب الثاني في الارتفاع الكبير لكلفة خدمة الديون فيعود الى ان الحكومة الاتحادية اعتمدت بدرجة كبيرة على الديون قصيرة الأجل نسبيًا في السنوات الأخيرة. ففي نهاية عام 2022م، كان ما يقرب من ربع حجم القروض لديه مدة متبقية أقل من عام واحد على استحقاق السداد، وربع آخر من هذه القروض لديه مدة متبقية لاستحقاق السداد تتراوح من سنة إلى أربع سنوات. وبالتالي يتعين على الحكومة الاتحادية إصدار العديد من السندات الجديدة كل عام لسداد الديون القديمة، ويتوقع ان تبلغ قيمة السندات الحكومية التي ستصدرها هذا العام حوالي 500 مليار يورو.

     واعتبر وزير المالية الاتحادي نفقات الفائدة المرتفعة سببًا لرفض كل الدعوات المطالبة بتعليق جديد للمادة الخاصة بكبح الديون في الدستور، حيث “لا يمكن تحمل ديون جديدة إلى أجل غير مسمى لأنها تحد من نطاق الإنفاق الحكومي على قطاعات أخرى”.

     ومع ارتفاع كلفة تمويل الديون في المانيا والتي تسري أيضا على بقية دول الاتحاد الأوروبي الا ان وضع ألمانيا، التي تعد أكبر اقتصاد في أوروبا، ما يزال بالمقارنة أفضل من وضع الاقتصادين الفرنسي والإيطالي. وأوضحت دراسة لوكالة التصنيف الأوروبية Scope، ان عبء الفائدة سيرتفع بشكل كبير بحلول عام 2028م، مع ارتفاع أسعار الفائدة. حيث سيتم في ألمانيا إنفاق 2.1 في المئة من إيرادات الميزانية العامة لمدفوعات الفائدة، بينما كانت هذه النسبة في عام 2020م، حوالي واحد في المئة.  وقال محللا وكالة التصنيف الأوروبية Jakob Suwalski   وBrian Marly”إن فترة طويلة من ارتفاع أسعار الفائدة في منطقة اليورو تمثل اختبارًا لإدارة ديون الحكومات مع ارتفاع تكاليف التمويل. واشارا الى ان ألمانيا في وضع قوي ولديها مجال مالي كبير للمناورة في الإنفاق “. ” لكن الأمور تبدو أكثر دراماتيكية في فرنسا وإيطاليا، ثاني وثالث أكبر اقتصاد في منطقة اليورو بعد ألمانيا. ففي فرنسا من المتوقع أن يتم استخدام حوالي 5.2 في المئة من الإيرادات الحكومية لمدفوعات الفائدة بحلول عام 2028م. وسيكون ذلك بمثابة زيادة حادة قدرها 2.9 نقطة مئوية منذ عام 2020م. وفي حالة إيطاليا، من المرجح أن تصل النسبة إلى 8.2 في المئة، وهو ما يعني أنها ستستقر عند مستوى مرتفع. وما تزال الحكومة في روما تعاني من مستويات عالية من الديون الجديدة. ومؤخراً تزايدت شكوك الأسواق المالية تجاه البلاد من جديد. وللمرة الأولى منذ ستة أشهر، ارتفعت نسبة المخاطرة على سندات الحكومة الإيطالية فوق نقطتين مئويتين مقارنة بالسندات الحكومية الألمانية لعشر سنوات. ويعتبر هذا مؤشرا على مدى تراجع استعداد المستثمرين لإقراض الأموال للدولة الإيطالية.

      وترى وكالة التصنيف ضغوطا متزايدة على الميزانيات الحكومية ليس فقط بسبب ارتفاع تكاليف الفائدة. ولكن أيضا وبشكل خاص نتيجة ارتفاع الإنفاق الاجتماعي والصحي والاستثمارات في تحول الطاقة وزيادة الإنفاق الدفاعي. وخلص محللو Scope إلى أنه “على المدى الطويل، هناك مخاوف من أن المجال المتاح لحكومات منطقة اليورو لتنفيذ إصلاحات الميزانية الضرورية سوف يصبح أصغر بشكل متزايد”.

     الجدير بالذكر ان الدين العام للدولة الألمانية، والذي يشمل ديون الحكومة الاتحادية وحكومات الولايات والبلديات والضمان الاجتماعي، ارتفع خلال الأشهر الستة الأولى من العام الحالي ووصل في نهاية شهر يونيو 2023م، إلى2.417 ترليون يورو، وهو ما يساوي 66.2 في المئة تقريبا من الناتج المحلي الإجمالي.  ويزيد هذا المبلغ بنسبة 2.1 في المئة أو ما يساوي 49 مليار يورو عما كان عليه حجم الدين العام في نهاية عام 2022م.