تحسن مناخ الاعمال للشركات الألمانية في شهر فبراير بشكل طفيف حيث ارتفع مؤشر ifo الى مستوى 85.5 نقطة، بعد ان كان قد تراجع خلال شهر يناير الماضي الى مستوى 85.2 نقطة.  ويعود هذا التحسن بدرجة رئيسية الى ان توقعات الشركات لمستوى أعمالها خلال الأشهر القادمة كانت أقل سلبية من توقعاتها في الشهر السابق بينما ظل تقييم الشركات لمستوى اعمالها الحالي دون تغيير بالمقارنة بالشهر السابق. ويبدوا ان الاقتصاد الألماني قد استقر ولو كان هذا الاستقرار عند مستوى نمو منخفض.

     الا أن مؤشر مناخ الأعمال في قطاع الصناعة سجل انخفاضًا الى مستوى (-17.4 نقطة) في فبراير متراجعًا عن مستوى شهر يناير الماضي والبالغ (-15.8 نقطة). ويرجع السبب في هذا الانخفاض الى ان شركات القطاع قيمت وضع اعمالها الحالي بدرجة هي الأكثر سلبية منذ شهر سبتمبر العام 2020م، كما ظلت توقعات مستقبل الاعمال خلال الأشهر القادمة سلبية بنفس مستوى الشهر السابق حيث يستمر الانخفاض في تراكم الطلبات بالإضافة الى اعلان العديد من الشركات اجراء تخفيضات على انتاجها.

     وعلى نحو معاكس تحسن مناخ الأعمال في قطاع الخدمات حيث سجل المؤشر مستوى (-4.1 نقطة) في فبراير مرتفعًا عن مستوى يناير الذي بلغ (-4.8 نقطة). حيث كانت شركات القطاع أكثر رضاً عن مستوى الأعمال الحالية كما تحسنت بشكل نسبي توقعات الاعمال خلال الأشهر الستة القادمة وأصبحت أقل سلبية.

     في قطاع التجارة سجل مناخ الاعمال تراجعًا في فبراير الى مستوى (-30.8 نقطة) عن مستوى شهر يناير الذي كان عند (-29.7 نقطة)، وعبرت شركات القطاع عن رضا أقل بشكل ملحوظ عن مستوى اعمالها الحالي، بينما تحسنت التوقعات بشكل نسبي بشأن تطور الاعمال خلال الأشهر المقبلة.

      وسجل مؤشر الاعمال في قطاع البناء في فبراير ارتفاعًا طفيفًا حيث وصل الى مستوى (-35.4 نقطة) بدلا من مستوى (-35.8 نقطة) وكان السبب في ذلك هو التقييمات الأفضل قليلاً لشركات القطاع للوضع الحالي لأعمالها. ومع ذلك، فقد انخفضت توقعات الاعمال للأشهر القادمة إلى أدنى مستوى لها منذ عام 1991م.

    من جانب أخر، وبحسب التقرير الاقتصادي السنوي الذي عرضته وزارة الاقتصاد الاتحادية تتوقع الحكومة الألمانية أن ينمو الاقتصاد هذا العام بنسبة محدودة تبلغ 0.2 في المئة. وهذا أقل بكثير مما كان متوقعًا في اخر تقديرات قدمتها الحكومة في شهر أكتوبر من العام الماضي. وصرح Robert Habeck، وزير الاقتصاد تعليقا على هذه التوقعات قائلا “نحن نخرج من الأزمة ببطء أكبر مما كان متوقعًا”، مشيرًا إلى عدة أسباب لذلك منها التغيرات الجيوسياسية منذ بداية الحرب الروسية في أوكرانيا، بالإضافة إلى التضخم والذي أدى إلى ارتفاع أسعار الفائدة مما أثقل كاهل الشركات وحد من نشاطها الاستثماري، وفي نفس الوقت تسبب ايضًا في تراجع القوة الشرائية للمواطنين مما خفض من الطلب الداخلي، بالإضافة الى التراجع المستمر لقطاع البناء. كما أكد Habeck، ان “البيئة الاقتصادية العالمية غير مستقرة ونمو التجارة العالمية منخفض بمستوى تاريخي، وهو ما يمثل تحديا لدولة تعتمد على التصدير الى حد كبير مثل ألمانيا.”  معتبرًا ان الاقتصاد الألماني يمر بمرحلة صعبة ولهذا السبب يجب دفعه إلى الأمام من خلال “دعم الإصلاح”. مشددًا ان “الأمر لا يتعلق بأقل من الدفاع عن القدرة التنافسية لألمانيا كموقع صناعي.” وينصب التركيز بشكل خاص على الحد من نقص العمالة الماهرة والحد من البيروقراطية وتحسين الظروف الإطارية للاستثمارات. حيث تعاني ألمانيا من “مشاكل هيكلية تراكمت على مدى سنوات عديدة” بحسب وزير الاقتصاد الاتحادي.

     كما تضمن التقرير الاقتصادي السنوي عدد من المؤشرات الإيجابية للعام 2024م، فمن ناحية تتوقع الحكومة الاتحادية ان يتباطأ التضخم هذا العام الى معدل 2.8 في المئة بعد ان كان هذا المعدل قد وصل خلال العام 2023م الى مستوى 5.9 في المئة. الى جانب ذلك فان الزيادات في الأجور والرواتب ستكون أعلى من معدل التضخم هذا العام وبالتالي سيصبح لدى الموظفين والعاملين المزيد من الأموال مما سيرفع من القوة الشرائية لديهم والذي سينعكس ايجابيًا على ارتفاع الطلب الداخلي على السلع والبضائع والخدمات والتي تعتبر أحد اهم محركات النمو الاقتصادي. يضاف الى هذه المؤشرات الإيجابية النمو المتزايد في تشغيل العمالة فضلاً عن التوسع في استخدام الطاقات المتجددة ورفع حصتها من مزيج الطاقة المستخدم في ألمانيا.

     من جانبه يتوقع صندوق النقد الدولي نموًا محدودًا أيضا للاقتصاد الألماني خلال العام 2024م، بنسبة 0.5 في المئة. ويعتبر هذا هو الأداء الأضعف بين اقتصاديات الدول الصناعية، وعلى سبيل المثال يتوقع الصندوق ان ينمو الاقتصاد الأمريكي في العام الحالي بنسبة 2.1 في المئة واقتصاد الصين بنسبة 4.6 في المئة واقتصاد فرنسا بواقع واحد في المئة. كما خفضت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD توقعاتها للنمو في ألمانيا خلال العام 2024م أيضا الى 0.3 في المئة فقط. ويعتبر هذا هو أضعف أداء لاقتصاد في دول مجموعة دول العشرين عدى عن الارجنتين الذي يتوقع ان ينكمش اقتصادها العام الحالي بنسبة 2.3 في المئة. وبحسب توقعات خبراء المنظمة يبلغ متوسط معدل النمو لدول المجموعة 2.9 في المئة في عام 2024م. وتأتي الهند في المقدمة بنسبة نمو متوقعه 6.2 في المئة، بينما تتمتع إسبانيا بأقوى توقعات للنمو بين الاقتصادات الأوروبية بنسبة 1.5 في المئة.

     في سياق متصل حلت ألمانيا في المركز الثالث كأكبر اقتصاد في العالم بدلا عن اليابان التي تراجعت الى المركز الرابع، ويعود ذلك الى دخول الاقتصاد الياباني في مرحلة الركود بعد ان تراجع الطلب المحلي وسجل الربعين الأخيرين من العام الماضي انكماشا للناتج المحلي الإجمالي، وأعلنت الحكومة في طوكيو أن الناتج المحلي الاجمالي الاسمي في عام 2023م، بلغ 4.21 تريليون دولار (3.9 تريليون يورو). بينما بلغ حجم الناتج المحلي الإجمالي الاسمي في ألمانيا العام الماضي 4.46 تريليون دولار (4.12 تريليون يورو). ورغم هذه الزيادة الاسمية في حجم الناتج الاقتصادي في ألمانيا الا انه بعد تعديل الأسعار واستبعاد الزيادة في معدل التضخم يكون الاقتصاد الألماني قد انزلق إلى الركود في العام الماضي وانخفض الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 0.3 في المئة مقارنة بالعام 2022م. وتحتل الولايات المتحدة المركز الأول كأكبر اقتصاد في العالم، يليها الاقتصاد الصيني الذي يحل في المركز الثاني.

 

سوق العمل: ارتفاع معدل البطالة وصعوبات امام جلب العمالة الأجنبية المؤهلة

     ارتفع عدد العاطلين عن العمل في ألمانيا في شهر يناير 2024م بواقع 169 ألفًا ليصل مجموعهم الى 2805000 شخص، ويعتبر ارتفاع البطالة في هذا الوقت من العام امرًا اعتياديًا. وبالمقارنة مع شهر يناير من العام الماضي فقد ارتفع عدد العاطلين بمقدار 189 ألف شخص. وبهذه الزيادة في عدد العاطلين ارتفع معدل البطالة بنسبة 0.4 نقطة مئوية إلى 6.1 في المئة في الفترة من ديسمبر إلى يناير2024م. وبالمقارنة مع نفس الشهر من العام الماضي، ارتفع المعدل أيضًا بنسبة 0.4 نقطة مئوية. وعلقت Andrea Nahles رئيسة مجلس إدارة وكالة العمل الاتحادية (BA)، على تطورات سوق العمل في يناير بالقول “ان الزيادة السنوية المعتادة في معدل البطالة عند هذا الوقت من العام كانت أقل من المعتاد بالإضافة الى أن التوظيف والطلب على القوى العاملة يظهران استقرارًا، مما يجعل سوق العمل مستقرًا في بداية العام على الرغم من الصعوبات المستمرة التي يواجها الاقتصاد “.

     من جانب أخر بلغ عدد المسجلين الجدد في برنامج العمل بدوام مختصر الحكومي خلال الفترة من 1 وحتى 25 يناير 46 ألف شخص وهو عدد أقل بكثير من الفترة المماثلة في شهر ديسمبر السابق. وبحسب أحدث البيانات المتوفرة من وكالة العمل الاتحادية فقد تم صرف تعويضات برنامج العمل بدوام مختصر لـ 181 ألف موظف في شهر نوفمبر 2023م، مقابل 170 ألف في أكتوبر و147 ألف في شهر سبتمبر وذلك في منحى يؤشر الى ارتفاع متزايد في عدد المسجلين في البرنامج في الربع الأخير من العام 2023م. اما فيما يتعلق بالوظائف الشاغرة في يناير 2024م، فقد بلغ عددها 699 ألف وظيفة مسجلة في وكالة العمل (BA)، وهو عدد أقل بـ 66 ألف وظيفة مقارنة بنفس الشهر من العام السابق.

     في سياق متصل، تعمل ألمانيا على مواجهة النقص في العمالة المؤهلة الذي تعاني منه عبر جذب كوادر مؤهلة عالية من الخارج، وبحسب معهد أبحاث سوق العمل والمهن (IAB) يحتاج الاقتصاد الألماني لنحو 400 ألف متخصص من الخارج سنويًا لتعويض العمال المؤهلين الذين سيخرجون من سوق العمل خلال السنوات القادمة. الا ان هذه الجهود تواجه العديد من الصعوبات والعقبات، فوفقًا لدراسة أجرتها منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD)، بتكليف من وزارة العمل الألمانية، تم في عام 2022م استطلاع حوالي 29 ألف شخص من المهتمين بالعمل في ألمانيا من دول مثل تركيا والهند وكولومبيا. في العام التالي، تم إعادة استطلاع نفس العينة، واتضح انه لم ينتقل سوى حوالي خمسة في المئة فعليًا إلى ألمانيا بينما لا يزال الباقون في الخارج، ومن بينهم أقل من 15 في المئة قاموا بخطوات ملموسة للانتقال إلى ألمانيا. وأعاد Thomas Liebig، المسؤول عن الدراسة السبب في ذلك بشكل رئيسي إلى نظام الهجرة الموجود في ألمانيا، فمن جهة، يواجه العديد من العمال الأجانب صعوبات في التواصل مع أصحاب العمل الألمان. ومن جهة أخرى، فان الحصول على تأشيرات السفر تمثل جزءً كبيرًا من المشكلة وتعد العائق الرئيسي امام جلب العمالة المؤهلة الأجنبية.

     وتضيف Jasna Rezo-Flanze من غرفة الصناعة والتجارة الألمانية IHK في كولونيا، والتي تقدم استشارات للشركات التي ترغب في جلب عمالة اجنبية، ان هنالك نقص في عمليات رقمنة اجراءات الحصول على التأشيرات ونقص في عدد الموظفين المسؤولين عن التعامل مع طلبات الحصول عليها في السلطات المختصة بالإضافة الى انه يجب تقدم طلبات الحصول على التأشيرة من السفارات الألمانية عبر البريد. وأكدت Rezo-Flanze انه “كان المقصود من قانون هجرة العمال المهرة تسريع عملية جلب العمال الأجانب، لكنه لم يتحقق”.

 

حكماء الاقتصاد الألماني يطالبون بإصلاح كابح الديون

     للمرة الاولي منذ اندلاع ازمة كورونا العام 2020م، تعود الحكومة الاتحادية الألمانية في العام 2024م الى الالتزام بالمادة الدستورية الخاصة بكبح الديون والتي تنص على ان لا يتجاوز حجم الاموال المسموح للحكومة ان تقترضها في العام الواحد عن نسبة 0.35 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. وكان قد جرى تعطيل هذه المادة الدستورية خلال الاعوام السابقة بموافقة البرلمان الاتحادي (البونستاج) تحت مبرر حالة الطوارئ الناتجة عن جائحة كورونا واحتياج الحكومة للاقتراض لتوفير الأموال لبرامج المساعدات الاقتصادية وتمويل اجراءات مواجه الجائحة. وساهم حكم المحكمة الدستورية الاتحادية بعدم دستورية قرار الحكومة بتحويل 60 مليار يورو من الأموال التي تم اقتراضها لمواجهة جائحة كورونا الى استخدامها في بنود أخرى في قرار العودة الى الالتزام بكابح الديون بالرغم من الحاجة الى تمويل العديد من المشاريع في مجال حماية البيئة وتحسين البنية التحتية.

     وينتقد حكماء الاقتصاد الألماني وأيضا صندوق النقد الدولي (IWF) القواعد الصارمة للديون في ألمانيا، وقدم حكماء الاقتصاد مقترحات بإصلاح كابح الديون حيث يرون ان القواعد الحالية صارمة للغاية وغير فعالة اقتصاديًا ويطالبون بقواعد تنظيمية أكثر مرونة. وصرحت Monika Schnitzer، رئيسة لجنة حكماء الاقتصاد “إن الأمر في الوقت الحالي صارم بلا داع. وإذا تركت مكابح الديون كما هي، فإن نسبة الدين سوف تنخفض بشكل أكبر من اللازم على مدى العقود القليلة المقبلة”. وتطالب Schnitzer ” بزيادة المرونة وإفساح المجال حتى يمكن رفع الإنفاق العام الموجه نحو المستقبل دون تقويض استدامة مالية الدولة”.

     ووضع حكماء الاقتصاد ثلاث مقترحات لإصلاح كابح الديون:

     أولًا ان يعتمد الاقتراض الجديد على مستوى الدين العام، في الوقت الحاضر يسمح كابح الديون بمجال للاقتراض يبلغ 0.35 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، يعتبر حكماء الاقتصاد هذا الأمر صارمًا للغاية، حيث يؤدي إلى “تقييد الاستثمارات أكثر مما هو ضروري”. وفي ظل ظروف معينة مثل زيادة النمو الاقتصادي أو الفائدة المنخفضة، تكون “نسب الديون العالية قابلة للتحمل”.  في الوقت الحالي، تقدر نسبة الدين العام في ألمانيا 64 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. ويرى حكماء الاقتصاد انه إذا كانت نسبة الديون أقل من 60 في المئة، يمكن أن يصل الاقتراض الجديد الى واحد في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بدلاً من 0.35 في المئة سنويًا. اما إذا كانت نسبة الديون أكثر من 60 في المئة، فيجب أن يُسمح بديون تصل إلى 0.5 في المئة. وفي حالة إذا كانت نسبة الديون أكثر من 90 في المئة، فيجب أن تعود النسبة إلى 0.35 في المئة مرة أخرى. ووفقًا لهذا الاقتراح فسوف تتراجع نسبة الدين العام الى الناتج المحلي الاجمالي إلى 59 في المئة بحلول عام 2070م. اما إذا ما استمر كابح الديون بشكله الحالي فان الدين العام سيصل الى أقل من 30 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العام 2070م.

     ثانيًا الترتيبات الانتقالية بعد الأزمات: بحسب الدستور الألماني فانه بإمكان البرلمان ان يقوم بتعليق كابح الديون بسبب حالة طوارئ، كما حدث في السنوات الأخيرة بسبب جائحة كورونا أو أزمة الطاقة، ولكن لعام واحد فقط، على ان يعود الحد المسموح للاقتراض الى 0.35 في المئة في بداية العام التالي مباشرة. وتكمن الإشكالية هنا بان الازمات واثارها لا تنتهي فجاءة بل قد تستمر لعدة سنوات حيث «غالبًا ما يكون للأزمات آثار ملحوظة حتى عندما يتم التغلب على سببها الرئيسي بالفعل». وبطبيعة الحال، يمكن أن يعلن البرلمان حالة الطوارئ مرة أخرى في العام التالي، ولكن الجدال حول هذا الأمر يصبح أكثر صعوبة مع كل عام، وهو ما يؤدي بحسب Schnitzer، إلى انتشار حالة عدم اليقين وهو الامر الحساس بالنسبة للاقتصاد لأن الشركات لا تستطيع وضع خططها للإنتاج والاستثمار اعتمادًا على وعود بدعم غير أكيد.  لهذا يقترح حكماء الاقتصاد إنشاء مرحلة انتقالية بعد حالة الطوارئ، ومن الممكن أن تمتد المرحلة الانتقالية بعد حالة الطوارئ على مدى أربع سنوات، ينخفض ​​خلالها الحد المسموح به للاقتراض الجديد الى 0.5 في المئة. أو ان تمتد على مدى ثلاث سنوات، مع خفض تدريجي لحجم الدين الجديد المسموح به في نهاية الفترة إلى 0.35 في المئة مرة أخرى.

      ثالثًا الدورة الاقتصادية: وفي هذا المقترح يرى حكماء الاقتصاد انه يجب الاعتماد على حالة الاقتصاد في تقرير حجم الديون الجديدة ففي حالة ما كان الاقتصاد يعاني من انكماش او ركود ارتفع الحد المسموح به من الديون الجديدة بما يتيح للحكومة معالجة ضعف الاقتصاد، وعلى العكس من ذلك في حالة تحقيق الاقتصاد لنمو إيجابي فعندها يتم خفض الحد المسموح به للاقتراض الجديد ودفع الحكومة الى الادخار.

     ويواجه تنفيذ أحد مقترحات حكماء الاقتصاد الألماني صعوبات كبيرة، فمن ناحية يتطلب إصلاح نظام كبح الديون أغلبية الثلثين في البرلمان الاتحادي (البوندستاج)، وهي الأغلبية التي لا يتمتع بها الائتلاف الحاكم، ومن ناحية أخرى هناك خلافات داخل الائتلاف الحاكم نفسه حول هذا الموضوع فبينما يؤيد الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر اصلاح كابح الديون يتمسك Christian Lindner ، وزير المالية الاتحادي وزعيم الحزب الديمقراطي الحر بقيود الديون معتبرًا “ان الالتزام بكبح الديون أمر معقول من الناحية الاقتصادية، وإلا فإننا عند مرحلة ما سنضطر إلى وضع خطط تقشف أو زيادة الضرائب لتغطية ديون الماضي فقط”.

 

ألمانيا السوق الأكبر للطاقة الشمسية في أوروبا

     كان عام 2023م، عاما قياسيًا لقطاع انتاج الطاقة الشمسية في ألمانيا حيث أفاد اتحاد صناعة الطاقة الشمسية (BSW) أنه تم تركيب أكثر من مليون نظام جديد للطاقة الشمسة في ألمانيا بقدرة انتاج بلغت ما مجموعة 14 جيجا وات إضافية الى انتاج الطاقة الكهربائية، وكان نصف أنظمة الطاقة الشمسية المثبتة حديثًا في عام 2023م هي أنظمة الطاقة المثبتة على شرفات واسطح المنازل، بينما كانت 31 في المئة منها عبارة عن أنظمة كهروضوئية مثبته في المساحات المفتوحة، ونحو 18 في المئة عبارة عن أنظمة مثبتة على الأسطح التجارية. وبشكل اجمالي، هناك حوالي 3.7 مليون نظام لتوليد الطاقة الشمسية في التشغيل في ألمانيا. قامت هذه الأنظمة في عام 2023م، بتوليد حوالي 55 تيرا وات /ساعة من الكهرباء، وهو ما يعادل حوالي 12 في المئة من إجمالي استهلاك الكهرباء في ألمانيا.

     وبهذا الرقم القياسي لأكبر عدد من أنظمة الطاقة الشمسية المثبتة حديثًا بقدرة توليد كهرباء إضافية تبلغ 14.1 جيجا وات، تحتل ألمانيا المركز الأول في التصنيف الأوروبي للطاقة الشمسية تليها إسبانيا بقدرة إضافية جديدة العام 2023م، تبلغ 8.2 جيجاوات ومن ثم إيطاليا بقدرة 4.8 جيجا وات وجاءت بولندا في المركز الرابع بقدرة توليد جديدة من الطاقة الشمسية بواقع 4.6 جيجاوات واحتلت هولندا المركز الخامس بقدرة إضافية تبلغ 4.1 جيجا وات.  ويتوقع الخبراء استمرار ازدهار انتاج الطاقة الشمسية في العام 2024م، فبحسب اتحاد صناعة الطاقة الشمسية يخطط أكثر من 1.5 مليون مالك عقار في ألمانيا لتركيب نظام طاقة شمسية على سطح منزلهم، ويعود ذلك الى ارتفاع أسعار الكهرباء المستمر بالإضافة الى شروط التمويل المغرية التي يتم تقديمها لشراء وتركيب أنظمة الطاقة الشمسية.

     وبينما تعد ألمانيا السوق الأكبر للطاقة الشمسية في أوروبا، فإن شركات تصنيع الخلايا الكهروضوئية الألمانية بالإضافة الى العديد من شركات الطاقة الشمسية في أوروبا تعاني من أزمة عميقة، فعلى الرغم من أن الطلب على وحدات الطاقة الشمسية بلغ مستوى قياسيًا، إلا أن أسعار الوحدات الكهروضوئية انخفضت بأكثر من النصف والسبب هو فائض الإنتاج الكبير في السوق العالمية من الوحدات الكهروضوئية الرخيصة المصنعة في الصين. ويقول خبير الطاقة الشمسية جان زينيك من شركة الاستشارات الإدارية BCG “إن فائض المعروض في السوق العالمية بلغ مستوى قياسيًا بشكل فريد”. وتشير التقديرات إلى أنه تم في العام 2023م، تركيب ما بين 300 إلى 400 جيجاوات من الأنظمة الكهروضوئية الجديدة في جميع أنحاء العالم. ومع ذلك، فإن القدرة على إنتاج أنظمة الطاقة الشمسية هي ضعف ذلك.

     وقد قام منتجو الطاقة الشمسية الصينيون على وجه الخصوص بتوسيع مصانعهم بشكل كبير في السنوات الأخيرة. وفي الوقت نفسه، فرضت الولايات المتحدة والهند قيودًا تجارية على الوحدات الكهروضوئية القادمة من الصين. ولذلك يحاول المصنعون الصينيون بيع منتجاتهم في السوق الأوروبية مقابل أسعار مخفضة وهذا يؤدي إلى أسعار اقل بكثير من نظيراتها المنتجة في أوروبا. وفي حين تعرض الشركات الصينية وحداتها بسعر يتراوح بين عشرة إلى اثني عشر سنتًا لكل وات، فإن المنتجين الأوروبيين يتقاضون عادةً ما يزيد عن 20 سنتًا. ووفقًا لممثلي الصناعة الأوروبيون، بدأ المنافسون غير الأوروبيين مؤخرًا في تقديم وحداتهم حتى بأسعار أقل من تكاليف التصنيع الخاصة بهم. وتطالب الشركات الأوروبية الاتحاد الأوروبي بشراء مخزونات انتاجها من وحدات الطاقة الشمسية، وتعديل المساعدات المالية للأزمات، مؤكدة ان “الاتحاد الأوروبي يواجه مرحلة حرجة، إذا لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة، سيضطر المصنعون الكبار للوحدات الشمسية في أوروبا ومورديهم الأوروبيين إلى إيقاف انتاجهم”.

 

فائض تجاري كبير لألمانيا العام 2023م بالرغم من انخفاض التجارة الخارجية

     اظهر تقرير صادر عن مكتب الإحصاء الاتحادي ان التجارة الخارجية لألمانيا قد انخفضت في العام 2023م، وبينما ظلت الصادرات الألمانية مستقرة نسبيًا، انخفضت الواردات بنحو 150 مليار يورو.  وقد بلغت صادرات ألمانيا في العام 2023م، حوالي 1.562 مليار يورو بانخفاض بنسبة 2 في المئة مقارنة بالعام 2022م، واستوردت ألمانيا أيضا في نفس العام بضائع وسلع بقيمة 1.353 مليار يورو، وهو ما يمثل انخفاضًا بنسبة 10 في المئة مقارنة بعام 2022م.

     ونظرًا لأن الواردات انخفضت بشكل أكبر بكثير من الصادرات، فقد ارتفع الفائض التجاري لألمانيا العام 2023م بشكل كبير مقارنة بالعام السابق، ووصل الى 209.6 مليار يورو. بينما كان هذا الفائض قد بلغ في العام السابق نحو 88.6 مليار يورو بسبب ارتفاع أسعار واردات الطاقة بشكل كبير، وكان هذا الفائض التجاري في العام 2022م، قد اعتبر الأدنى لألمانيا منذ عام 2000م.

     واستمرت الصين في عام 2023م في البقاء في المرتبة الأولى في قائمة الشركاء التجاريين مع ألمانيا للسنة الثامنة على التوالي بحجم تبادل تجاري بلغ حوالي 253 مليار يورو. وقد انخفضت قيمة واردات السلع من الصين بنحو 37 مليار يورو او ما نسبته 19.2 في المئة إلى 155.7 مليار يورو. في الوقت نفسه، انخفضت قيمة السلع المصدرة إليها بنسبة 8.8 في المئة إلى 97.3 مليار يورو مقارنة بالعام 2022م. وبهذا بلغ العجز التجاري لألمانيا مع الصين 58.4 مليار يورو بعد ان كان هذا العجز قد حقق في العام 2022م، رقمًا قياسيًا بلغ 86.1 مليار يورو.

     وأعاد معهد الاقتصاد الكلي وبحوث الاقتصاد الدوري (IMK)، تراجع حجم التبادل التجاري الكبير بين ألمانيا والصين الى التغيرات والتحولات الجيوسياسية مثل احتمال نشوب نزاع حول تايوان والتصعيد بين الولايات المتحدة والصين، بالإضافة الى سعى الشركات الألمانية الى تنويع سلاسل إمداداتها والبحث عن موردين آخرين في دول أقرب. كما ساهم ضعف الاستهلاك في ألمانيا في الانخفاض الحاد في الواردات من الصين. بدورها، تعتمد الصين سياسة تقوم على زيادة الإنتاج الذاتي للسلع الاستراتيجية والعمل على استيراد كميات أقل من ألمانيا.

     من ناحية أخرى، تتنافس الولايات المتحدة مع الصين على لقب الشريك التجاري الأكبر لألمانيا، فبينما بلغ التبادل التجاري بين ألمانيا والصين في عام 2023م، 253 مليار يورو. كانت قيمة التجارة الخارجية لألمانيا مع الولايات المتحدة (252.3 مليار يورو) أي أقل بمقدار 0.7 مليار يورو فقط، بينما كان هذا الفارق يبلغ في عام 2022م، 50.1 مليار يورو. وتحتل هولندا المرتبة الثالثة في قائمة اهم الشركاء التجاريين مع ألمانيا مرة أخرى مع صادرات وواردات تبلغ قيمتها مجتمعة 214.8 مليار يورو، وهو ما يمثل انخفاضًا بنسبة 5.5 في المئة.

     وذهبت معظم الصادرات الألمانية في عام 2023م إلى الولايات المتحدة، كما هو الحال منذ عام 2015م. حيث تم تصدير بضائع بقيمة 157.9 مليار يورو، بزيادة 1.1 في المئة عن العام السابق. وفي المقابل، كانت هناك واردات من الولايات المتحدة بقيمة 94.4 مليار يورو، وهو ما يزيد أيضًا بنسبة 1.1 في المئة عن العام السابق. وبذلك حققت التجارة الخارجية الألمانية مع الولايات المتحدة فائضا تجاريًا قدره 63.5 مليار يورو. واحتلت فرنسا المركز الثاني بين أهم المستوردين للسلع والبضائع الألمانية بقيمة 116.8 مليار يورو بانخفاض بنسبة 1.2 في المئة عن العام الذي سبق، تليها هولندا في المركز الثالث بقيمة 111.5 مليار يورو وبانخفاض طفيف بنسبة 0.7 في المئة.

     صناعة السيارات الألمانية قامت بتصدير مزيد من السيارات وأجزاء السيارات في عام 2023م مقارنة بالعام السابق. حيث بلغت قيمة هذه الصادرات 268.2 مليار يورو، وهذا يمثل زيادة بنسبة 8.9 في المئة مقارنة بالعام 2022م. وبذلك، استمرت السيارات في تصدر قائمة أهم سلع الصادرات في ألمانيا. في المرتبة الثانية أتت المعدات والآلات الصناعية بقيمة 223.1 مليار يورو وبزيادة بنسبة 5.5 في المئة مقارنة بالعام الذي سبق، والمنتجات الكيميائية بقيمة 140.7 مليار يورو وبانخفاض كبير بلغ 14.5 في المئة.  في جانب الاستيراد، كانت السيارات وأجزاء السيارات أيضًا هي السلع التجارية الرئيسية التي استوردتها ألمانيا في عام 2023م بقيمة 148.5 مليار يورو وبزيادة بلغت 12.1 في المئة، في المرتبة الثانية لأهم سلع الاستيراد كانت أجهزة معالجة البيانات والمنتجات الكهربائية والبصرية بقيمة 142.5 مليار يورو وبانخفاض بنسبة 5.5 في المئة، تلتها المعدات الكهربائية بقيمة 109.8 مليار يورو بزيادة بنسبة 5.5 في المئة في المرتبة الثالثة.

 

نمو كبير للتبادل التجاري العربي الألماني للعام 2023م

     بلغت قيمة التبادل التجاري العربي الألماني خلال العام 2023م ( 62,1 ) مليار يورو،  مسجلة ارتفاعا بنسبة ( 19,5 ) بالمئة مقارنة بالعام 2022م، حيث سجلت قيمة الصادرات الألمانية الى الدول العربية ارتفاعا بنسبة ( 15,4 ) في المئة وبلغت ما قيمته ( 36,8 ) مليار يورو، كما ارتفعت الواردات الألمانية من الدول العربية بنسبة  ( 26 )في المئة ووصلت قيمتها إلى ( 25,2 ) مليار يورو، ويرجع هذا الارتفاع الى زيادة صادرات الدول العربية من الطاقة الى ألمانيا. وتصدّرت دولة الإمارات العربية المتحدة قائمة مستوردي السلع الألمانية بين الدول العربية (8602,91 مليون يورو)، تليها المملكة العربية السعودية (8113,52 مليون يورو)، فجمهورية مصر العربية (5346,87 مليون يورو)، كما تصدّرت دولة الإمارات العربية المتحدة ( 5526,76 مليون يورو ) قائمة الدول العربية المُصدّرة إلى ألمانيا، تليها دولة ليبيا (4775,5 مليون يورو )،  ثم تونس بمبلغ (2828,69 مليون يورو ).

 

التبادل التجاري بين ألمانيا والدول العربية للعام 2023م مقارنة

بالعام 2022م (مليون يورو)

الواردات الألمانية

الصادرات الألمانية

البلد

يناير ـ ديسمبر

2023م

يناير ـ ديسمبر

2022م

التغيير%

يناير ـ ديسمبر

2023م

يناير ـ ديسمبر

2022م

التغيير%

الأردن

116

86,44

34,20

787,2

770,81

2,13

الإمارات

5526,76

2217,85

149,19

8602,91

7596,11

13,25

البحرين

228,84

251,44

-8,99

1041,18

440,86

136,17

تونس

2828,69

2665,7

6,11

1831,1

1741,59

5,14

الجزائر

1499,62

1972,09

-23,96

2054,48

1672,05

22,87

جيبوتي

1,56

1,3

20,00

14,11

19,17

-26,40

السعودية

2322,39

2779

-16,43

8113,52

6708,37

20,95

السودان

144,98

25,95

458,69

43,21

141,54

-69,47

سوريا

13,44

9,87

36,17

44,91

44,77

0,31

الصومال

4,98

9,97

-50,05

15,94

16,87

-5,51

العراق

1571,28

2187,05

-28,16

1191,01

1068,73

11,44

عمان

510,83

77,81

556,51

819,87

790,84

3,67

فلسطين

4,07

3,62

12,43

127,7

130,27

-1,97

قطر

672,51

621,98

8,12

1259,21

1376,95

-8,55

جزر القمر

1,81

3,87

-53,23

0,76

0,62

22,58

الكويت

695,53

54,83

1168,52

1124,84

1104,14

1,87

لبنان

55,67

54,48

2,18

454,6

505,53

-10,07

ليبيا

4775,5

3596,01

32,80

566,69

533,07

6,31

مصر

1489,5

1309,49

13,75

5346,87

4190,28

27,60

المغرب

2763,77

2091,59

32,14

3233,78

2832,51

14,17

موريتانيا

46,27

33,2

39,37

94,69

138,77

-31,76

اليمن

1,17

1,84

-36,41

94,91

103,2

-8,03

المجموع

25275,17

20055,38

26,03

36863,49

31927,05

15,46

  • المصدر: مركز الإحصاء الإتحادي، فيزبادن