المستثمرون الأجانب يملكون 51 في المئة من الشركات المدرجة على مؤشر DAX والحجم التراكمي وصل مع نهاية العام 2022م الى 1.240 ترليون يورو

يعد الاقتصاد الألماني، كأكبر اقتصاد في أوروبا وأحد أقوى الاقتصادات العالمية، وجهة رئيسية لجذب الاستثمارات وتوظيف الفوائض المالية الأوروبية والدولية. وتستند جاذبية ألمانيا في سوق الاستثمارات العالمية إلى عوامل متعددة، لا تقتصر على إمكاناتها الاقتصادية فحسب، بل تشمل أيضًا بنية تحتية متطورة في مجالات النقل والطاقة والاتصالات والموانئ، إلى جانب قوة عاملة ماهرة مدعومة بمؤسسات تعليمية وبحثية عالية الجودة. كما يعزز الاستقرار القانوني والاجتماعي من مكانة ألمانيا كبيئة استثمارية موثوقة ومستدامة.

الا ان هذه القدرة التنافسية للاقتصاد الألماني في مجال جذب الاستثمارات الأجنبية تشهد منذ عدة سنوات تراجعا بالمقارنة بالعديد من الدول الصناعية والاقتصاديات الناشئة، ويعود هذا التراجع الى عدة أسباب من أهمها النمو الكبير في القدرة التنافسية للكثير من الاقتصاديات، والتغيير في السياسيات الاقتصادية لعدد منها خصوصا لجهة منح العديد من المزايا للشركات الأجنبية وسعي هذه الشركات للاستفادة من برامج الدعم الحكومية. بينما ظلت ألمانيا تراوح مكانها خصوصا في ضوء الازمات المختلفة التي واجهتها خلال السنوات الماضية.

الا ان العوامل المحددة للقدرة التنافسية في جذب الاستثمارات الأجنبية، على تنوعها واتساع طيف العناصر التي تغطيها، ما تزال تمنح ألمانيا مراكز متقدمة في هذا الجانب بالرغم من كل التحديات التي تواجه الاقتصاد الألماني.

الوظيفة الاقتصادية للاستثمار

يمثل الاستثمار أحد أهم وأكثر الأدوات المستخدمة في إدارة وتوجيه اقتصاديات الدول. فالاستثمار يعد من حيث كونه، في ابسط تعريف، عملية ضخ وتوظيف أموال إضافية في الأسواق والقطاعات الاقتصادية المختلفة، عملية أساسية وحاسمة لضمان النمو الاقتصادي وتعظيم الفوائد والمزايا الناتجة عن ممارسة الأنشطة الاقتصادية. بعبارة أخرى يمكن توصيف الاستثمار بانه الرافعة الأساسية للنمو الاقتصادي وتنشيط الدورة الاقتصادية الداخلية.

الاستثمار من جهة أخرى يؤدي وظيفة هامة كأحد الوسائل الاساسية في الحماية من اثار التضخم الاقتصادي والحفاظ على قيمة المدخرات، ولهذا السبب تلجأ السلطات الاقتصادية والمالية غالبا ومن اجل مواجهة الضغوطات التضخمية على الاقتصاد الى تشجيع الاستثمار بطرق مختلفة. ومن أبرز هذه الطرق وأسرعها تأثيرا هو اجراء خفض الفائدة على الودائع وعلى القروض البنكية لدفع المؤسسات والافراد الى استثمار الأموال الفائضة مباشرة في الأسواق بدلا عن ايداعها في البنوك ذات العائد المنخفض. كما تشجع الفائدة المنخفضة على القروض البنكية المستثمرين افرادا وشركات على الاقتراض من اجل تمويل المشاريع الجديدة او تمويل مشاريع التطوير والتوسع في الاعمال.

وعلى أهمية الاستثمارات الداخلية والتي تنتج اما عن عملية ضخ الأموال من خلال زيادة المصروفات الحكومية المباشرة او الغير مباشرة في مجال تحسين وتطوير البنى التحتية او التي تنتج عن عملية إعادة توظيف جزء من الأرباح والعوائد التي حققها الافراد والشركات من مختلف القطاعات الاقتصادية من اجل تحسين الأداء والإنتاج وتوسيع النشاط. الا ان هذه النتائج الإيجابية المترتبة عن الاستثمار يتزايد أثرها عندما تكون ناتجة عن ضخ مزيد من الأموال في الاقتصاد عبر مصادر خارجية وعن طريق دخول شركات ومؤسسات اجنبية للعمل في السوق المحلي.

حجم الاستثمار الأجنبي في ألمانيا

بحسب أحدث بيانات البنك المركزي الألماني (Deutsche Bundesbank)، فانة وبحلول نهاية عام 2022م، بلغ إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة في ألمانيا حوالي 1.240 تريليون يورو، وهذا يشمل جميع التدفقات الرأسمالية والاستثمارات طويلة الأجل التي قامت بها الشركات الأجنبية في ألمانيا. ومع ذلك، عند خصم المطالبات المالية المستحقة للمستثمرين الأجانب، والتي تشير إلى الالتزامات المالية أو الديون المستحقة على ألمانيا تجاه المستثمرين الأجانب، مثل الأرباح غير الموزعة، والفوائد، والقروض، والالتزامات الأخرى التي يجب دفعها لهم. فإن صافي الاستثمارات الأجنبية المباشرة بلغ 956 مليار يورو، مما يعكس الدور الكبير الذي تلعبه الاستثمارات الأجنبية في الاقتصاد الألماني.

وظلّت كل من لوكسمبورغ (131 مليار يورو) وهولندا (131 مليار يورو) أكبر المستثمرين في ألمانيا، تليهما الولايات المتحدة بـ 73 مليار يورو.

مزايا الاستثمار في ألمانيا

من أبرز مزايا الاستثمار في الاقتصاد الألماني هو في نموذج الاعمال الذي تتبعه الشركات الألمانية في اعمالها حيث يتميز هذا النموذج بتركيزه على الابتكار، الجودة، والاستدامة، مما جعل ألمانيا واحدة من أكثر الدول تنافسية اقتصاديًا على مستوى العالم. ويعتمد هذا النموذج على عدة ركائز أساسية، أبرزها التخصص العالي في القطاعات الصناعية والهندسية، حيث تُعرف الشركات الألمانية، سواء كانت شركات كبرى مثل فولكسفاجن وسيمنز أو مؤسسات متوسطة وصغيرة (Mittelstand)، بقدرتها على تقديم منتجات ذات جودة فائقة وتقنيات متقدمة. وتُعزز هذه الشركات من مكانتها العالمية عبر استثمارات كبيرة في البحث والتطوير، مما يجعلها رائدة في مجالات مثل صناعة الآلات والمعدات، صناعة السيارات، والتكنولوجيا المتقدمة.

كما يتميز النموذج الألماني بتوجهه طويل الأمد، حيث لا تسعى الشركات إلى تحقيق الأرباح السريعة فقط، بل تركز على استراتيجيات النمو المستدام والتطوير المستمر. وتُعزز هذه الاستدامة من خلال شراكات وثيقة بين القطاع الصناعي والمؤسسات الأكاديمية والبحثية، مما يخلق بيئة ديناميكية للابتكار.

نموذج الاعمال الخاص بالشركات الألمانية ساهم في تعزيز القدرة التنافسية لألمانيا في جذب الاستثمارات الأجنبية، حيث أظهرت دراسة أجرتها شركة الاستشارات EY، ان المستثمرين الأجانب يمتلكون 51 في المئة من أسهم الشركات الألمانية الكبرى المدرجة في البورصة بينما يمتلك المستثمرون الألمان حوالي الثلث (33.6 في المئة)، بينما لم تحدد الدراسة انتماء ملاك الأسهم المتبقية. وتبلغ أعلى نسبة من المساهمين الأجانب في شركات مثل MTU المتخصصة في صناعة وتوريد محركات الطائرات، وشركة Vonovia للإسكان والعقارات، وشركة Brenntag لتوزيع وتجارة الكيماويات، حيث تبلغ النسبة لكل منها 81 في المئة، كذلك في شركة Deutsche Börse، التي تدير بورصة فرانكفورت، يمتلك المستثمرون الأجانب أربعة من كل خمسة أسهم في الشركة. كما يمتلك المستثمرون الأجانب نسبة تتجاوز 50 في المئة في العديد من أبرز الشركات الألمانية الكبرى منها على سبيل المثال شركة Siemens الصناعية بنسبة 71 في المئة، شركة Adidas لصناعة الأدوات الرياضية بنسبة 70 في المئة، شركة Bayer للصناعات الكيميائية والدوائية بنسبة 65 في المئة، شركة Mercedes-Benz لصناعة السيارات بنسبة 61 في المئة.

وبحسب دراسة شركة EY، يتصدر المستثمرون الامريكيون قائمة المستثمرين الأجانب في شركات داكس، حيث قام هؤلاء المستثمرون في السنوات الأخيرة بزيادة استثماراتهم بشكل ملحوظ في الشركات الألمانية الكبرى، في حين أصبح المستثمرون من دول أوروبا الأخرى أكثر تحفظًا، فبالمقارنة بين عامي 2010م و2023م، ارتفعت حصة المستثمرين من أمريكا الشمالية في شركات DAX من 17.4 في المئة إلى 23.5 في المئة. في المقابل، انخفضت حصة المستثمرين الأوروبيين من 25.7 في المئة إلى 22.6 في المئة. واعتبر Henrik Ahlers، رئيس فرع شركة EY في ألمانيا، أن المشاركة القوية للمستثمرين الأجانب «دليل على الثقة الكبيرة المستمرة في الاقتصاد الألماني والشركات الألمانية الكبرى «.

من الجدير بالذكر أنه بالمقارنة بين نسبة امتلاك المستثمرين الأجانب لاسهم الشركات الألمانية في مؤشر DAX، والبالغة 51 في المئة، مع حجم العائدات والمبيعات التي تحققها هذه الشركات في الأسواق الأجنبية تعتبر صغيرة نسبيًا، حيث تظهر دارسة شركة EY، أن حوالي 80 في المئة من عائدات شركات DAX تأتي من الأسواق الخارجية، بل ان هناك 11 شركة ألمانية كبرى تحقق أقل من 10 في المئة من عائداتها في السوق الألمانية المحلية فيما تأتي أكثر من 90 في المئة من إيراداتها من الأسواق الأجنبية. ومن بين هذه الشركات، شركة الصناعات الكيميائية BASF والتي تمثل مبيعاتها في السوق الألماني نسبة 9.9 في المئة فقط من اجمالي مبيعاتها السنوية، كذلك الحال مع شركة Adidas التي لا يتجاوز حجم إيراداتها من السوق الألماني نسبة 6.3 في المئة، كذلك شركة Bayer والتي تمثل مبيعاتها في السوق المحلية داخل ألمانيا نسبة 5.1 في المئة فقط من اجمالي مبيعاتها، اما شركة Merck للصناعات الكيميائية والدوائية فإنها تحقق فقط 4.8 في المئة من إيراداتها من بيع منتجاتها في السوق الألماني فيما تأتي بقية الإيرادات من المبيعات في الأسواق الأجنبية.

ولا يعتبر امتلاك المستثمرين الأجانب لنسبة كبيرة من أسهم الشركات الألمانية الكبرى المدرجة في البورصة شيئا جديدًا حيث انه ومنذ عام 2007م، كانت أكثر من نصف أسهم شركات DAX في أيدي مستثمرين أجانب بشكل مستمر، ولم يتغير هذا الوضع حتى عندما تم زيادة عدد الشركات في المؤشر من 30 إلى 40 شركة في عام 2021م.

التحديات التي تواجه القدرة التنافسية لألمانيا في جذب الاستثمارات الأجنبية

اظهر تقرير أعدته شركة KPMG للاستشارات ان تصنيف المستثمرين الأجانب لألمانيا كموقع للأعمال والاستثمار قد تراجع بالمقارنة مع السنوات الماضية، فعلى الرغم من ان تحول الطاقة والرقمنة والتحديث والبنية التحتية تفتح فرصًا تجارية كبيرة للشركات الدولية الا ان هذه المميزات التي تتمتع بها ألمانيا تتراجع بمرور الوقت مع المقارنة الدولية.

وبحسب استطلاع قامت به KPMG لآراء 350 مديرًا ماليًا للشركات الألمانية التابعة للشركات الدولية أشار هؤلاء الى ان البيروقراطية المفرطة (بنسبة 61 في المئة من المستطلع آراؤهم) وارتفاع تكاليف الطاقة (بنسبة 57 في المئة) كأكبر العقبات أمام الاستثمار، يليها عدم كفاية الرقمنة والمتطلبات التنظيمية للبيئة والشؤون الاجتماعية وحوكمة الشركات، الى جانب الافتقار إلى الانفتاح على التكنولوجيا (31 في المئة من المستطلع آراؤهم). ومع ذلك، حصل موقع ألمانيا وسط القارة الأوروبية على أفضل التقييمات كأفضل مميزات الاستثمار في ألمانيا (79 في المئة من المستطلع آراؤهم). ويرى المشاركون أيضًا أن مستوى المعيشة والسلامة العامة والاستقرار السياسي والمشهد البحثي هي نقاط قوة تقليدية لألمانيا، على الرغم من أنهم تصنيفهم لهذه المميزات أصبح أكثر تشككًا مقارنة بالاستطلاعات السابقة.

وفي هذا المجال يعتبر 58 في المئة فقط ممن شملهم الاستطلاع ألمانيا واحدة من دول الاتحاد الأوروبي الخمس الأكثر استقرارًا، فيما كانت هذه النسبة في العام 2021م نحو 80 في المئة. كما يرى 43 في المئة فقط أن المشهد البحثي الألماني من بين الخمسة الأوائل في الاتحاد الأوروبي وكانت هذه النسبة قد وصلت في العام 2017م الى 64 في المئة. وكانت هناك أيضا تقييمات أقل مما كانت عليه في عام 2021م فيما يتعلق بإنتاجية العمل (ناقص 17 نقطة مئوية)، والبيئة الصديقة للابتكار (ناقص ثماني نقاط مئوية)، والبنية التحتية اللوجستية (ناقص 16 نقطة مئوية).

ووفقا لشركة KPMG، يرى 23 في المئة ممن شملهم الاستطلاع أن ألمانيا واحدة من خمسة من أفضل المواقع في الاتحاد الأوروبي عندما يتعلق الأمر بتوافر العمال المهرة والعمال المؤهلين تأهيلا عاليا، بينما يعتقد 21 في المئة أنها من بين أسوأ خمسة مواقع. ومع تقاعد جيل طفرة المواليد (جيل الستينات)، فإن هجرة 500 ألف عامل مؤهل سنوياً سوف تكون ضرورية للتعويض عن النقص في العمال المهرة. وقال Andreas Glunz، المسؤول في KPMG «لكن العديد من المهاجرين لا يحصلون على موطئ قدم في الحياة العملية أو يغادرون البلاد بسرعة». مشددًا على انه سيكون من الضروري وجود سياسة هجرة متكاملة وإنتاجية وموجهة نحو الاحتياجات.

وفي مؤشر شركة KPMG، لأفضل مواقع الاستثمار والذي يأخذ في الاعتبار 23 عاملاً للموقع، يقول التقرير «إن ثالث أكبر اقتصاد في العالم ينزلق بشكل متزايد إلى المعدل المتوسط مقارنة بالاتحاد الأوروبي». فعلى مقياس من موجب إلى سالب 10، تبلغ القيمة الحالية لألمانيا على المؤشر (+1.2) وهذا يتوافق مع النصف مقارنة بقيمة المؤشر في عام 2021م والتي كانت عند (+2.4) والعام 2017م (+3.1)، ويوضح Glunz «لقد اعتمدت ألمانيا على المميزات التقليدية لفترة طويلة للغاية وتم اهمال الإصلاحات المهمة». حاليًا، يعتبر كل ثاني مدير مالي دولي تقريبًا يعمل في ألمانيا أن البلدان والمناطق الأخرى تشهد نموًا أسرع ويريد الاستثمار بشكل أساسي هناك في السنوات الخمس المقبلة.

ولا يقتصر تراجع تصنيف ألمانيا كأحد أفضل مواقع الاستثمار وإقامة الاعمال على المستثمرين والشركات الأجنبية بل أصبحت الشركات الألمانية تميل بشكل متزايد الى الاستثمار في الخارج بدلا من الاستثمار في السوق الألماني، فبحسب دراسة اجراها اتحاد غرف التجارة والصناعة الألماني (DIHK) بين حوالي 1900 شركة صناعية، أشارت 35 في المئة من هذه الشركات الى ان لديها خطط استثمار في الخارج معتبرة ان توفير التكاليف هو الدافع الرئيسي لها. وقال Ilja Nothnagel، عضو مجلس الإدارة في ـ DIHK: «آخر مرة فيها هذه القيمة المرتفعة كانت في عام 2008م». أما بالنسبة للشركات الصغيرة التي يقل عدد موظفيها عن 200 موظف، فإن النسبة أعلى إلى حد ما. «لسوء الحظ، هذا رد فعل على تدهور ظروف السياسة الاقتصادية في البلاد».

وتشير دراسة اتحاد الغرف الألمانية الى ان منطقة أسيا والمحيط الهادي، بدون الصين، لا تزال تكتسب أهمية لاستثمارات الشركات الألمانية، وينطبق الشيء نفسه على تركيا ومناطق شرق وجنوب شرق أوروبا خارج الاتحاد الأوروبي. ورغم أن منطقة اليورو تظل المنطقة الأكثر أهمية بالنسبة للشركات الألمانية، فإنها تفقد بعض أهميتها لمصلحة السوق الأمريكي الكبير.

مكامن القوة في القدرة التنافسية للاقتصاد الألماني

بالرغم من التصنيف المنخفض لألمانيا كموقع للأعمال والاستثمار، الا انه لا ينبغي اعتبار هذا التصنيف نهائي او غير قابل للتحسن، فبحسب دراسة اجراها بنك إعادة الاعمار والتنمية الحكومي KfW فان القدرة التنافسية للاقتصاد الألماني أكثر تعقيدًا مما يتم تصويره عادة في النقاش العام. ويؤكد Fritzi Köhler-Geib، كبير الاقتصاديين في بنك KfW «إن النظرة المنهجية إلى ألمانيا كموقع للاستثمار تنتج صورة مختلطة تتضمن نقاط قوة ونقاط ضعف».

واستندت دراسة بنك إعادة الاعمار والتنمية على 22 مؤشرًا لتقديم صورة شاملة للقدرة التنافسية لألمانيا مقارنة بالاقتصادات المماثلة وعلى وجه التحديد مع الدول الأخرى في مجموعة السبع الصناعية بالإضافة إلى الصين والسويد. وكانت النتيجة ان ألمانيا تتمتع بقدرة تنافسية جيدة في العديد من المؤشرات خاصة عندما يتعلق الأمر بالقوة الابتكارية، رأس المال الثابت (الأصول الصناعية) والبحث العلمي. بينما تتراجع في المؤشرات المتعلقة بمجالات الديموغرافيا، حجم الاستثمار الحكومي (غير كافٍ) والضرائب (مرتفعة للغاية).

وتتركز الإيجابيات التي يتمتع بها الاقتصاد الألماني في امتلاكه لأصول صناعية قوية تشمل الآلات والمعدات والمباني التي تستخدم في الإنتاج ويصل متوسط قيمة هذه الأصول، او ما يطلق عليها رأس المال الثابت إلى 235,000 دولار لكل مواطن، مما يضعها في المقدمة بين مجموعة الدول المقارنة. وتتصدر إيطاليا القائمة بـ 284,000 دولار، فيما تأتي الصين في الترتيب الأخير بـ 69,000 دولار.

وعلى الرغم من الانتقادات الموجة لحالة البنية التحتية الأساسية في ألمانيا والمشاكل المتزايدة التي تعاني منها، ومن ضمنها على سبيل المثال الأضرار التي لحقت بالجسور الا انها ما تزال جيدة، إذ تمتلك ألمانيا أساسيات قوية في الطرق والسكك الحديدية والممرات المائية والجسور. وبحسب بيانات البنك الدولي الذي انشاء تصنيفًا لـ 139 دولة، احتلت البنية التحتية الألمانية المركز الثالث عالميًا.

كذلك تتميز ألمانيا بالإنفاق المرتفع نسبيًا على الأبحاث حيث بلغ متوسط استثمار الاقتصاد الألماني في البحث والتطوير خلال السنوات القليلة الماضية 3.1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي سنويًا، وبهذا تحتل ألمانيا المركز الرابع بين الدول التسع المقارنة. وقد انعكس هذا الانفاق في قوة الابتكار التي يتمتع بها الاقتصاد الألماني حيث تحتل ألمانيا المركز الأول في تسجيل براءات الاختراع في أوروبا منذ عدة سنوات.