تتميز العلاقات الاقتصادية التونسية الألمانية بطابع خاص يتجاوز التبادل التجاري التقليدي للبضائع والسلع الى أحد صور التكامل الاقتصادي والاستثمار المستدام الذي انعكس في شكل علاقات اقتصادية متوازنة ومتعددة الجوانب استطاعت فيها تونس ان تحقق فائضا تجاريا مع المانيا على غير المعتاد في علاقة المانيا مع شركائها التجاريين، خصوصا في العالم العربي، بالإضافة الى تنامي التعاون الاقتصادي الى قطاعات حيوية على رأسها الصناعة والطاقات المتجددة ونقل المعرفة والتدريب المهني. مما جعل العلاقات الاقتصادية التونسية الألمانية نموذجا متميزاً يصلح لان يحتذى من الدول العربية في علاقتها مع ألمانيا.

للاطلاع على خصوصية نموذج العلاقات الاقتصادية الألمانية التونسية وأحدث تطوراتها اجرت مجلة السوق هذه المقابلة مع سعادة السفير واصف شيحة، سفير الجمهورية التونسية لدى جمهورية ألمانيا الاتحادية.

السوق: تُعد تونس من الدول التي تحقق فائضا تجاريا مع ألمانيا. إلى ماذا يعود ذلك؟ وكيف تقيّمون مستوى العلاقات الاقتصادية بين تونس وألمانيا في الوقت الحالي؟

شيحة: تحتلّ ألمانيا المركز الثالث في قائمة الشركاء التجاريين لتونس في القارة الأوروبية، كما تُعدّ تونس أحد أكبر شركاء ألمانيا في العالم العربي. ويعود الفائض التجاري الذي تحققه تونس مع ألمانيا، والذي قُدّر سنة 2024 بحوالي 1 مليار يورو، إلى عدّة أسباب لعّلّ أبرزها جودة المنتوجات التونسية الموجّهة للتصدير وقدرتها التنافسية وخصوصا المنتوجات الصناعية التي تتمتع بمزايا التبادل الحرّ طبقا لاتفاقية الشراكة بين تونس والاتحاد الأوروبي الممضاة سنة 1995.

ومن جانب آخر، تلعب المؤسسات الألمانية العاملة بتونس والبالغ عددها أكثر من 310 شركة، دورا محوريا في دفع الميزان التجاري لصالح تونس باعتبار أنّ حوالي 80 في المئة من هذه الشركات تعتمد نظام التصدير الكلي (Offshore). وتتسم العلاقات الاقتصادية التونسية الألمانية بثرائها وتنوّعها سواءً من حيث التجارة أو الاستثمار أو السياحة.

السوق: ما هي أبرز القطاعات التي تشهد نموًا ملحوظًا في التبادل التجاري بين البلدين؟

شيحة: يُعدّ القطاع الصناعي أبرز أعمدة التبادل التجاري بين تونس وألمانيا وخصوصا صناعات مكوّنات السيارات والصناعات الإلكترونية وصناعات النسيج وخاصة الملابس المهنية حيث أن تونس تحتل المرتبة الأولى عالميا في قائمة مزودي الاتحاد الأوروبي بما في ذلك ألمانيا من الملابس المهنية بنسبة 17.4 في المئة من حصة السوق الأوروبية. إلى جانب ذلك، عرفت العديد من القطاعات الأخرى نموّا مطّردا على غرار المنتوجات الفلاحية والغذائية لاسيما التمور ومشتقاتها وخصوصا البيولوجية منها حيث تتصدّر ألمانيا قائمة البلدان المستوردة للتمور البيولوجية التونسية في العالم. كما تمثل تونس أول مزود للسوق الألمانية للتمور بكافة أنواعها حيث تستأثر بحصة تناهز 50 في المئة من هذه السوق.

ويعزى تطور الصادرات من المنتوجات الفلاحية إلى اعتراف الاتحاد الأوروبي بشهادة المنشأ للمواد البيولوجية التونسية وهي البلد الوحيد في العالم العربي وإفريقيا التي تتمتع بهذا الامتياز. كما تشهد صادرات الخدمات التكنولوجية هي الأخرى تطوّرا ملحوظا خلال السنوات الأخيرة. وبالنسبة إلى الواردات التونسية من ألمانيا، فإنّ جلّها يتكوّن من السيارات والعربات والتجهيزات والصناعات الإلكترونية وعدد من المنتوجات الكيميائية والأدوية.

السوق: ما هي التحديات الرئيسية التي تواجه زيادة حجم التبادل التجاري، وكيف يمكن معالجتها؟

شيحة: بالنظر للتواجد المتواضع لزيت الزيتون التونسي في السوق الألمانية مقارنة بالأسواق الأوروبية الأخرى على غرار إسبانيا وإيطاليا، فإننا نطمح إلى زيادة حجم الصادرات التونسية من هذا المنتوج خاصة وأن تونس تتمتع بقدرات تصديرية عالية وتحتل مراتب متقدمة دوليا تضعها في قائمة المصدّرين الثلاثة الأكبر لزيت الزيتون في العالم والأولى في العالم العربي وبلغ حجم الصادرات سنة 2024 ما يناهز 200 ألف طن بقيمة 1.5 مليار أورو.

وفي إطار شراكتها مع الاتحاد الأوروبي، تتمتع تونس بحصّة تقدّر بحوالي 57 ألف طن لنفاذ زيت الزيتون التونسي إلى السوق الأوروبية المشتركة بدون معاليم ديوانية وتطمح تونس إلى الترفيع في هذه الحصة خاصة وأن زيت الزيتون التونسي يعتبر من قبل كل الأخصائيين كأفضل زيت زيتون في العالم من حيث الجودة بالنظر إلى تحصله على أكبر الجوائز الدولية.

ومن جملة التحديات الأخرى، نذكر أيضا العمل على مزيد تنويع الصادرات التونسية وتجاوز الحواجز غير الجمركية المفروضة على عدد من المنتوجات وتسهيل تنقل الفاعلين الاقتصاديين والعارضين التونسيين إلى ألمانيا الذين يواجهون صعوبات للحصول على تأشيرة الدخول.

السوق: كيف تصفون خصوصية النموذج القائم للشراكة الاقتصادية بين تونس وألمانيا مقارنة بعلاقات ألمانيا مع الدول العربية الأخرى؟

شيحة: تُعتبر الشراكة الاقتصادية التونسية الألمانية ناجحة، حيث تعدّ تونس أحد أكبر شركاء ألمانيا في العالم العربي منذ عقود خصوصا في المجال الصناعي. كما بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين خلال سنة 2024 حوالي 4.7 مليار يورو (2.8 مليار يورو صادرات و1.9 مليار يورو واردات)، وهو ما يُبوّئ تونس لمرتبة الشريك التجاري الأول لألمانيا في العالم العربي دون اعتبار المنتجات الطاقية.

وتنعكس هذه العلاقة المتميزة على الاستثمارات أيضا حيث تعتبر تونس وجهة استثمارية مميزة للشركات الالمانية نظرا لقربها الجغرافي ووفرة اليد العاملة ذات الكفاءة العالية والمتخصصة إلى جانب تطور بنيتها التحتية، إضافة إلى التشجيعات الضريبية وغير الضريبية وانفتاح الاقتصاد التونسي على مختلف الفضاءات الاقتصادية وانضمام تونس إلى مناطق التجارة الحرة العربية والإفريقية ومع الاتحاد الأوروبي بالنسبة للمنتوجات الصناعية كما أشرنا آنفا.

وتتميز الشراكة الاقتصادية التونسية الألمانية أيضا بالتوجه نحو القطاعات ذات القيمة المضافة العالية والتكنولوجيات الحديثة والتنمية المستدامة على غرار المشاريع المتعلقة بالصناعات الذكية Industrie 4.0 والطاقات النظيفة والاقتصاد الأخضر.

كما تعدّ التجربة المشتركة والثقة المتبادلة التي راكمها الجانبان منذ أكثر من خمسين سنة إحدى أهم السمات التي تميز هذه الشراكة.

السوق: إلى أي مدى ترى تونس في ألمانيا شريكًا استراتيجيًا لتحقيق أهدافها الاقتصادية والتنموية؟

شيحة: إنّ تونس، التي تربطها علاقات دبلوماسية مع ألمانيا منذ فجر الاستقلال سنة 1956، تعتبر ألمانيا أحد الشركاء الاستراتيجيين التقليديين التي تحرص بلادنا على مزيد تدعيم التعاون معها وفقا للأولويات الوطنية وانسجاما مع تطلّعات شعبها. وتعير تونس أهمية بالغة للشراكة مع ألمانيا القائمة على مبادئ الندية والاحترام المتبادل والمصلحة المشتركة كما تثمّن مستوى التعاون القائم في العديد من المجالات الأخرى كإحكام التصرّف في الموارد المائية ودعم الانتقال الطاقي والبيئي ورقمنة القطاع الصناعي وبرامج التكوين الموجّهة للشباب وغيرها.

وتتبنّى تونس استراتيجية تقوم على توثيق التعاون مع الشركاء التقليديين، على غرار ألمانيا، مع العمل في نفس الوقت على التنويع الاستراتيجي للشراكات والانفتاح على التعاون مع الدول الصاعدة والواعدة. خاصة وأن علاقاتها متطورة مع جل دول العالم وتنأى بنفسها عن الانحياز لأي قطب استراتيجي أو سياسي دولي.

السوق: تُعد ألمانيا رائدة عالميًا في نظام التدريب المهني المزدوج. كيف تستفيد تونس من هذا النموذج في تطوير قطاع التدريب المهني لديها؟

شيحة: تعمل تونس بالتعاون مع الشركاء الألمان على الاستفادة من نظام التدريب المهني المزدوج من خلال العديد من برامج التعاون الثنائي القائمة مع الوزارة الفيدرالية للتعاون الاقتصادي والتنمية والوكالة الألمانية للتعاون الدولي على غرار برنامج التعاون القائم مع وزارة التشغيل والتكوين المهني بتونس والهادف إلى تطوير المناهج التكوينية خصوصا في قطاعيْ النسيج والسياحة مع تشريك مؤسسات القطاع الخاص. وقد مكّنت هذه البرامج من إحداث مراكز تكوين بالشراكة مع بعض الشركات الألمانية في العديد من جهات البلاد كصفاقس وسوسة وبنزرت ومنوبة وغيرها.

إلا أن توجه الحكومة الألمانية نحو التقليص من حجم الدعم المخصص للتعاون الدولي من شأنه أن يؤثر على مستوى التعاون المالي والفني بين البلدين.

السوق: ما هي أبرز برامج التعاون الحالية بين البلدين في مجال التعليم الفني والتدريب المهني؟

شيحة: بالإضافة للمشاريع التي تم ذكرها، يوجد برنامج Inter-company training with the private sector in Tunisia II الذي يرمي إلى تطوير مناهج التكوين التقني في العديد من القطاعات كالنسيج والسياحة. كما تشارك تونس في عدد من برامج التعاون ذات الطابع الإقليمي على غرار THAMM+ الرامي إلى تبنّي مقاربة شاملة لهجرة العمالة الماهرة. وهي مبادرة يمكن أن تثمر نتائج طيبة إذا حظي بالمزيد من الدعم من السلطات الألمانية.

وتجدر الإشارة إلى أن جودة منظومة التعليم الفني والتدريب المهني بتونس شجعت مختلف المؤسسات الألمانية على انتداب عدد كبير من الكفاءات التونسية في عديد القطاعات على غرار النقل والسياحة والقطاع الطبي والشبه الطبي دون الحاجة إلى تكوين تكميلي.

السوق: تعمل تونس على تطوير قطاع الطاقات المتجددة، كيف يمكن لألمانيا أن تدعمها في تطوير هذا القطاع؟

شيحة: بالفعل، تُعد تونس إحدى أهم الدول في المنطقة التي تواكب التوجّه العالمي نحو تطوير قطاع الطاقات المتجددة والنظيفة قصد بلوغ أهداف التنمية المستدامة والحد من تداعيات التغيرات المناخية التي تتسبب فيها انبعاثات الكربون. وتتمتع تونس بإمكانيات هائلة في هذا المجال خصوصا فيما يتعلّق بإنتاج الطاقة الشمسية. وفي هذا الإطار، أرست تونس مع ألمانيا، منذ سنة 2012، شراكة طاقية ثنائية من خلال التوقيع على مذكرة تفاهم في الغرض بين كلّ من وزارة الصناعة والمناجم والطاقة والوزارة الفيدرالية للاقتصاد والطاقة.

وتم منذ إطلاق هذه الشراكة إنجاز العديد من مشاريع التعاون النموذجية على غرار دعم خطة الطاقة الشمسية التي تهدف إلى زيادة حصة الطاقات المتجددة في انتاج الكهرباء إلى 35% بحلول سنة 2030، إضافة إلى مساهمة الاتحاد الأوروبي في تمويل مشروع ELMED للربط الكهربائي البحري بين تونس وإيطاليا والذي من المنتظر أن يكون جاهزا بحلول سنة 2028م.

السوق: شهدنا اهتمامًا ألمانيًا كبيرًا بمشاريع الهيدروجين الأخضر في شمال إفريقيا. ما هو موقع تونس من هذه المشاريع؟ وهل هناك مفاوضات أو اتفاقيات مع ألمانيا ودول الإتحاد الأوروبي في هذا المجال؟

شيحة: تتابع تونس، كسائر بلدان العالم والمنطقة خصوصا، التطوّرات التي يشهدها قطاع الطاقات المتجددة بما في ذلك الهيدروجين الأخضر. وتبنّت تونس استراتيجية وطنية لتطوير الهيدروجين الأخضر ومشتقاته تتضمّن مختلف الجوانب المتعلقة بإنتاج هذه الطاقة، وذلك بإشراف من وزارة الصناعة والمناجم والطاقة.

وتعتبر ألمانيا شريكا مهما في هذا المجال حيث تم، سنة 2020، التوقيع على مذكرة تفاهم بين وزارة الصناعة والمناجم والطاقة والوزارة الفيدرالية للتعاون الاقتصادي والتنمية بهدف تطوير تحويل الطاقة الكهربائية المتأتية من مصادر نظيفة إلى وقود (Power-to-X). كما تُعد الوكالة الألمانية للتعاون الدولي GIZ والبنك الألماني للتنمية والإعمار KfW والمعهد الفيدرالي للفيزياء والتكنولوجيا PTB، من أهم الهياكل الألمانية الشريكة لتونس في هذا المجال.

كما أطلقت تونس برامج تعاون مع بعض المقاطعات الألمانية أبرزها بافاريا حيث تم افتتاح أوّل مركز تونسي بافاري للتكنولوجيا والابتكار في الهيدروجين الأخضر بتونس سنة 2023.

أما في إطار التعاون الإقليمي، فقد وقّعت تونس، في جانفي 2025، على إعلان النوايا المشترك المتعلّق بتطوير الممر الجنوبي للهيدروجين «South2 Corridor» مع كل من ألمانيا والجزائر وإيطاليا والنمسا وذلك بهدف المضي قدما سويا على درب الانتقال الطاقي في المنطقة.

السوق: ما حجم استثمارات الشركات الألمانية في تونس حاليًا؟ وما هي أبرز المجالات التي تتركز فيها؟

شيحة: بلغ عدد الشركات الألمانية المنتصبة بتونس أكثر من 310 شركة بإجمالي استثمارات مباشرة تناهز 800 مليون يورو. وتوفّر هذه الشركات حوالي 92 ألف موطن شغل بالبلاد. أما بخصوص مجالات الاستثمار فإنّ أكثر من ثلثي هذه الشركات تنشط في القطاع الصناعي وبالخصوص في صناعة مكونات السيارات والصناعات الإلكترونية والنسيج، في حين يشمل الثلث المتبقي قطاع الخدمات وخصوصا في مجال التكنولوجيات الحديثة. وتقوم العديد من هذه الشركات بتطوير أنشطتها في تونس حيث تم سنة 2024 تسجيل بـ 84 عملية توسعة من قبل هذه الشركات.

وتجدر الإشارة إلى أن عديد الشركات الألمانية كانت قد بدأت نشاطها بتونس منذ أكثر من 50 سنة وهي ما فتئت تطور استثماراتها من سنة إلى أخرى وتنشئ مراكز للبحث والتطوير على غرار الشركة العالمية Dräxlmaier على سبيل المثال التي احتفلت السنة الفارطة بالذكرى الخمسين لإنشائها وتم انتخاب موقعها الإنتاجي بتونس كأحسن موقع في العالم.

السوق: ما هي الحوافز التي تقدمها الحكومة التونسية لجذب المزيد من الاستثمارات الألمانية؟

شيحة: يتسم الاقتصاد التونسي بانفتاحه على المبادرة الخاصة والتعامل مع الفاعلين الاقتصاديين التونسيين والأجانب على حد السواء. وتعتبر حرية الاستثمار والتعامل الاقتصادي المبدأ الأساسي للاقتصاد التونسي باستثناء عدد قليل من القطاعات التي تتطلب بعض الإجراءات الإدارية الإضافية.

يوفّر الإطار التشريعي التونسي ولاسيما القانون عدد 71 لسنة 2016 المؤرّخ في 30 سبتمبر 2016 والمتعلق بالاستثمار العديد من الحوافز المشجّعة على الاستثمار سواءً للشركات الألمانية أو الأجنبية أو المحلية على حدّ سواء.

وتُبوّب هذه الحوافز حسب معايير مختلفة كالآتي:

معيار المصلحة الوطنية: تعتبر مشاريع ذات مصلحة وطنية المشاريع التي يفوق حجم الاستثمار فيها 50 مليون دينار تونسي (حوالي 15 مليون يورو) و/أو التي توفّر على الأقل وظائف لما لا يقل عن 500 موطن خلال السنوات الثلاث الأولى منذ بداية نشاط المؤسسة أو تشغيل 200 موطن من حاملي الشهادات العليا.

الحوافز:

  • خصم المرابيح من القاعدة الضريبية خلال فترة لا تتجاوز 10 سنوات،
  • توفير منحة قد تصل إلى ثلث مبلغ الاستثمار،
  • تحمّل مساهمة المشغّل في الضمان الاجتماعي على الأجور المدفوعة للعمال التونسيين خلال السنوات العشر الأولى.

معيار القطاعات ذات الأولوية: وهي القطاعات ذات القدرة التشغيلية العالية والقادرة على خلق الثروة وفي مقدمتها صناعات مكونات السيارات والطائرات والصناعات الصيدلانية وصناعة النسيج والملابس والتكنولوجيات الحديثة والطاقات المتجددة.

الحوافز:

  • توفير منحة تقدّر بـ 15 في المئة من حجم الاستثمار (دون أن تتجاوز مليون دينار أي ما يُعادل 290 ألف يورو (.
  • إعفاء كلي من المساهمة في الضمان الاجتماعي لمدة ثلاث سنوات.

معيار التنمية الجهوية: توفّر الحكومة التونسية جملة من التشجيعات خصوصا عند الاستثمار في المناطق الداخلية للبلاد تصل إلى توفير منحة قدرها 30% من حجم الاستثمار وتحمّل الدولة للمساهمات الاجتماعية على العمّال التونسيين لمدة عشرة سنوات وغيرها.

معيار التشجيع على التصدير: ثمّة حوافز تُمنح حصريا لفائدة الشركات التي تعتمد نظام التصدير الكلي في إطار ما يعرف بنظام Offshore لعلّ أبرزها تعليق العمل بالأداء على القيمة المضافة على المشتريات المستوردة والمحلية من سلع وخدمات والتي تكون ضرورية للقيام بالعملية التصديرية.

بالإضافة إلى عديد الحوافز الأخرى الضريبية وغير الضريبية حسب القطاع وحجم الاستثمار إلى جانب التسهيلات الإدارية (شباك موحد) وسهولة نقل البضائع من وإلى الخارج. هذا وتبقى سفارة تونس ببرلين ومكتب وكالة النهوض بالاستثمار الخارجي بكولونيا على ذمّة الغرفة والفاعلين الاقتصاديين من كل الدول الراغبين في الاطلاع على المزيد من التفاصيل المتعلقة بحوافز الاستثمار في تونس.

السوق: تعد السياحة قطاعًا اقتصاديًا هاما في تونس. كيف يمكن زيادة استقطاب السياح الألمان بما يعزز هذا القطاع الحيوي ويدعم نمو الاقتصاد التونسي في الفترة المقبلة؟

شيحة: تمثّل السياحة أحد أهم القطاعات الحيوية التي يرتكز عليها الاقتصاد التونسي ورافدا أساسيا من روافد التنمية وذلك لعدّة اعتبارات أهمّها مساهمة هذا القطاع في الناتج المحلي الإجمالي والتي بلغت 10في المئة سنة 2024، فضلا عن قدرتها التشغيلية العالية التي فاقت 400 ألف موطن شغل (حوالي 10في المئة من اليد العاملة في تونس)، ودورها في جلب العملة الأجنبية حيث تجاوزت المداخيل المسجلة سنة 2024 بالعملات الأجنبية المتأتية من السياحة ما قيمته 7.5 مليار دينار (أكثر من 2.3 مليار يورو) دون اعتبار المداخيل المتأتية من السياحة الطبية التي تعتبر تونس فيها أحد الأقطاب الرائدة في إفريقيا والمتوسط. وقد بلغ العدد الجملي للسياح 10.3 ملايين سنة 2024 وينتظر زيارة أكثر من 11 مليون سائح سنة 2025 بما يناهز العدد الجملي للسكان في تونس.

واحتلت ألمانيا في سنة 2024 المركز الثاني أوروبيا من حيث عدد السياح الوافدين على تونس إذ تم تسجيل دخول حوالي 330ألف سائح ألماني (+7.5 في المئة مقارنة بـ 2023). وتُعتبر تونس وجهة مميزة بالنسبة للسائح الألماني نظرا لموقعها الجغرافي وقربها من أوروبا (حوالي ساعتين أو ساعتين ونصف على متن الطائرة انطلاقاً من أكبر المدن الألمانية) وثراء تراثها التاريخي والثقافي الذي ورثته من عديد الحضارات التي تعاقبت عليها على غرار الحضارة القرطاجية والرومانية والبيزنطية والعربية الإسلامية والأندلسية والعثمانية وغيرها. كما تحتوي تونس على تسع مواقع أثرية وطبيعية مسجلة على قائمة التراث العالمي لليونسكو كان آخرها جزيرة جربة. وتعمل وزارة الثقافة حاليا على إدراج موقع قرية سيدي بوسعيد في هذه القائمة باعتبار اختيارها كثالث أجمل قرية سياحية في العالم.

كما أنّ القدرة التنافسية للوجهة التونسية وتنوّع منتوجها السياحي على امتداد السنة يعتبر علامة أساسية تميّز السياحة في تونس حيث تتسّم البلاد بسياحتها الشاطئية والصحراوية والطبيعية والثقافية والفنية والرياضية والاستشفائية وغيرها.

ولعلّ من أهمّ الإجراءات التي يجري العمل على تحقيقها بهدف مزيد الترفيع في نسق التوافد السياحي الألماني على تونس، زيادة عدد الرحلات الجوية بين البلدين نظرا لوفرة الطلب على الوجهة التونسية الذي يفوق العرض في بعض الأحيان.

السوق: كيف تقيمون دور الغرفة في تعزيز العلاقات الاقتصادية العربية الألمانية بشكل عام والعلاقات الاقتصادية التونسية الألمانية بشكل خاص؟

شيحة: لا مراء أنّ الغرفة تلعب دورا محوريا في تعزيز العلاقات الاقتصادية العربية الألمانية ما انفكّ يتطوّر منذ تأسيسها خلال سبعينات القرن الماضي وذلك من خلال العديد من الأنشطة والمبادرات وفي مقدمتها منتدى الأعمال العربي الألماني الذي ينعقد سنويا ببرلين ويمثّل منصّة هامّة لربط الصلة بين الفاعلين الاقتصاديين من العالم العربي ومن ألمانيا، إلى جانب المنتديات القطاعية (الصحة، الطاقة…) وزيارات الوفود الاقتصادية التي تنظمها من وإلى بلدان العالم العربي.

كما إنّ إصدارات الغرفة، كالتقرير الدوري الشهري حول توجهات الاقتصاد الألماني والمجلّة الدورية «السوق» تمثّل مراجع اقتصادية بالغة الأهمية بالنسبة إلى روّاد الأعمال وكذلك البعثات الدبلوماسية العربية المعتمدة في ألمانيا وكذلك غرف التجارة الألمانية على المستوى الفيدرالي وفي المقاطعات.

ومنذ التحاقي بالسفارة، سواءً كرئيس بعثة منذ سنة 2023 أو كدبلوماسي مكلّف بالملف الاقتصادي خلال الفترة الممتدّة من 2009 إلى 2014، وجدتُ من الغرفة كلّ التعاون والإصغاء والترحيب بجميع المقترحات العملية الرامية إلى دفع الشراكة الاقتصادية التونسية الألمانية. وأودّ بهذه المناسبة التوجّه بجزيل الشكر لكامل طاقم العمل بالغرفة وعلى رأسه السيد Olaf Hoffmann، رئيس الغرفة، والسيد عبد العزيز المخلافي، أمينها العام، راجيا لهما دوام التوفيق في مهامهم. وإنّي على يقين بأنّنا سنواصل التعاون القائم بيننا بما يخدم المصلحة المشتركة لكلّ من تونس وألمانيا والعالم العربي.